[ ص: 376 ] الخامس
تغليب الأكثر على الأقل
بأن ينسب إلى الجميع وصف يختص بالأكثر ، كقوله تعالى :
لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ( الأعراف : 88 ) أدخل
شعيب عليه السلام في قوله : ( لتعودن ) بحكم التغليب ، إذ لم يكن في ملتهم أصلا حتى يعود إليها ، ومثله قوله :
إن عدنا في ملتكم ( الأعراف : 89 ) واعترض بأن ( عاد ) بمعنى صار لغة معروفة ، وأنشدوا :
فإن تكن الأيام أحسن مرة إلي فقد عادت لهن ذنوب
ولا حجة فيه ؛ لجواز أن يكون ضمير " الأيام " فاعل " عادت " ، وإنما الشاهد في قول
أمية :
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ويحتمل جوابا ثالثا ؛ وهو أن يكون قولهم
لشعيب ذلك من تعنتهم وبهتانهم وادعائهم أن
شعيبا كان على ملتهم ، لا كما قال
فرعون لموسى .
وقوله :
وما يكون لنا أن نعود فيها ( الأعراف : 89 ) كناية عن أتباعه لمجرد فائدتهم ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - إن قال ذلك عن نفسه وأتباعه فقد استثنى ، والمعلق بالمشيئة لا يلزم إمكانه شرعا تقديرا ، والاعتراف بالقدرة والرجوع لعلمه سبحانه وإن علم العبد عصمة نفسه أدبا مع ربه لا شكا .
ويجوز أن يراد بالعود في ملتهم مجرد المساكنة والاختلاط ، بدليل قوله :
إذ نجانا الله منها ( الأعراف : 89 ) ونظيره :
ومطهرك من الذين كفروا ( آل عمران : 55 ) ويكون ذلك إشارة إلى الهجرة عنهم ، وترك الإجابة لهم ، لا جوابا لهم ، وفيه بعد .