القاعدة السادسة .
العطف على المضمر ، إن كان منفصلا مرفوعا ، فلا يجوز من غير فاصل تأكيد ، أو غيره ، كقوله تعالى : (
إنه يراكم هو وقبيله ) ( الأعراف : 27 ) (
فاذهب أنت وربك فقاتلا ) ( المائدة : 24 ) (
اسكن أنت وزوجك الجنة ) ( البقرة : 35 ) عند الجمهور خلافا
لابن مالك في جعله من عطف الجمل ، بتقدير : " ولتسكن زوجك " . وقوله : (
وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ) ( الأنعام : 91 ) . (
يدخلونها ومن صلح ) ( الرعد : 23 ) . (
فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ) ( آل عمران : 20 ) .
وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري منه (
أئنا لمبعوثون أو آباؤنا ) ( الصافات : 16 - 17 ) فيمن قرأ بفتح الواو وجعل الفصل بالهمزة . ورد بأن الاستفهام لا يدخل على المفردات ، وجعل
الفارسي منه ما (
أشركنا ولا آباؤنا ) ( الأنعام : 148 ) وأعرب
nindex.php?page=showalam&ids=12721ابن الدهان (
ولا آباؤنا ) مبتدأ خبره ( أشركوا ) مقدرا .
وأجاز
الكوفيون العطف من غير فاصل كقوله تعالى : (
والذين هادوا والصابئون ) ( المائدة : 69 ) .
فأما قوله تعالى : (
فاستوى وهو بالأفق الأعلى ) ( النجم : 6 - 7 ) فقال
الفارسي : وهو مبتدأ ، وليس معطوفا على ضمير فاستوى وإن كان مجرورا
[ ص: 101 ] فلا يجوز من غير تكرار الجار فيه ، نحو : مررت به وبزيد ، كقوله تعالى : (
وعليها وعلى الفلك تحملون ) ( المؤمنون : 22 ) ، (
فقال لها وللأرض ) ( فصلت : 11 ) ، (
جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون ) ( الإسراء : 45 ) .
وأما قوله : (
وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) ( الأحزاب : 7 ) فإن جعلنا (
ومن نوح ) معطوفا على ( منك ) فالإعادة لازمة ، وإن جعل معطوفا على ( النبيين ) فجائزة .
وقال
الكوفيون : لا تلزم الإعادة محتجين بآيات :
( الأولى ) : قراءة
حمزة (
واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) ( النساء : 1 ) بالجر عطفا على الضمير في ( به ) فإن قيل : ليس الخفض على العطف ، وإنما هو على القسم وجوابه : (
إن الله كان عليكم رقيبا ) ( النساء : 1 ) . قلنا : رده
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج بالنهي عن الحلف بغير الله وهو عجيب ، فإن ذلك على المخلوقين .
( الثانية ) قوله تعالى : (
لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ) ( الحجر : 20 ) وفي ، (
ومن لستم ) أولها المانعون
كابن الدهان بتقدير : " ويرزق من لستم " ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج بتقدير : " أعني من لستم " . قال
أبو البقاء : لأن المعنى : " أعشناكم وأعشنا من لستم " ، وقدم أنها نصب بـ ( جعلنا ) قال :
[ ص: 102 ] والمراد بـ ( من ) العبيد ، والإماء ، والبهائم ، فإنها مخلوقة لمنافعها .
( الثالثة ) قوله تعالى : (
وكفر به والمسجد الحرام ) ( البقرة : 217 ) وليس من هذا الباب لأن المسجد معطوف على سبيل الله في قوله : (
وصد عن سبيل الله ) ( البقرة : 217 ) . ويدل لذلك أنه سبحانه صرح بنسبة الصد إلى المسجد في قوله : (
أن صدوكم عن المسجد الحرام ) ( المائدة : 2 ) .
وهذا الوجه حسن لولا ما يلزم منه الفصل بين ( صد ) وهو مصدر ، ومعموله ، وهو ( المسجد ) بقوله : (
وكفر به ) وهو أجنبي . ولا يحسن أن يقال : إنه معطوف على (
الشهر ) ( البقرة : 217 ) لأنهم لم يسألوا عنه ، ولا على ( سبيل ) لأنه إذ ذاك من تتمة المصدر ، ولا يعطف على المصدر قبل تمامه .
( الرابعة ) قوله تعالى : (
ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك ) ( الأنفال : 64 ) قالوا : الواو عاطفة لـ ( من ) على الكاف المجرورة ، والتقدير : حسبك من اتبعك .
ورد بأن الواو للمصاحبة " ومن " في محل نصب عطفا على الموضع ، كقوله :
فحسبك والضحاك سيف مهند
.
( الخامسة ) قوله تعالى : (
كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ) ( البقرة : 200 ) إذ جعل
[ ص: 103 ] " أشد " مجرورا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إنه في موضع جر عطفا على ما أضيف إليه الذكر في قوله : ( كذكركم ) كما تقول : كذكر
قريش آباءهم ، أو قوم أشد منهم ذكرا . لكن هذا عطف على الضمير المخفوض ، وذلك لا يجوز إلا على قراءة
حمزة . وقد خالفه الجمهور ، وجعلوه مجرورا عطفا على " ذكركم " المجرور بكاف التشبيه ، تقديره : " أو كذكركم أشد " ، فجعل للذكر ذكرا مجازا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، وتابعه
ابن عطية ، وأبو البقاء ، وغيرهما .
ومما اختلف فيه العطف على عاملين ، نحو : ليس زيد بقائم ، ولا قاعد عمرو ، على أن يكون " ولا قاعد " معطوفا على قائم ، وعمرو على زيد ، منعه الجمهور ، وأجازه
الأخفش محتجا بقوله تعالى : (
واختلاف الليل والنهار ) ( الجاثية : 5 ) ثم قال : " آيات " بالنصب عطفا على قوله : " لآيات " المنصوب بـ " إن " في أول الكلام ، و (
اختلاف الليل والنهار ) مجرور بالعطف على (
السماوات ) ( الجاثية : 3 ) المجرور بحرف الجر الذي هو " في " ، فقد وجد العطف على عاملين ، وأجيب بجعل " آيات " تأكيدا لـ " آيات " الأولى