ظن
أصلها للاعتقاد الراجح كقوله تعالى : (
إن ظنا أن يقيما ) ( البقرة : 230 ) . وقد تستعمل بمعنى اليقين ، لأن الظن فيه طرف من اليقين لولاه كان جهلا كقوله تعالى : (
يظنون أنهم ملاقو ربهم ) ( البقرة : 46 ) (
إني ظننت أني ملاق ) ( الحاقة : 20 ) (
وظن أنه الفراق ) ( القيامة : 28 ) (
ألا يظن أولئك ) ( المطففين : 4 ) وللفرق بينهما في القرآن ضابطان .
- ( أحدهما ) : أنه حيث وجد الظن محمودا مثابا عليه فهو اليقين ، وحيث وجد مذموما متوعدا بالعقاب عليه ، فهو الشك .
- ( الثاني ) أن كل ظن يتصل بعده " أن " الخفيفة فهو شك كقوله : (
إن ظنا أن يقيما حدود الله ) ( البقرة : 230 ) وقوله : (
بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول ) ( الفتح : 12 ) .
وكل ظن يتصل به " أن " المشددة ، فالمراد به اليقين كقوله : (
إني ظننت أني ملاق حسابيه ) ( الحاقة : 20 ) (
وظن أنه الفراق ) ( القيامة : 28 ) .
والمعنى فيه أن المشددة للتأكيد ، فدخلت على اليقين ، وأن الخفيفة بخلافها فدخلت في الشك .
مثال الأول ، قوله سبحانه : (
وعلم أن فيكم ضعفا ) ( الأنفال : 66 ) ذكره بـ " أن " ، وقوله : (
فاعلم أنه لا إله إلا الله ) ( محمد : 19 ) .
ومثال الثاني : (
وحسبوا ألا تكون فتنة ) ( المائدة : 71 ) والحسبان الشك .
فإن قيل : يرد على هذا الضابط قوله تعالى : (
وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ) ( التوبة : 118 ) قيل : لأنها اتصلت بالاسم وهي مخففة من الثقيلة ، وفي الأمثلة السابقة اتصلت بالفعل .
فتمسك بهذا الضابط فإنه من أسرار القرآن ،
[ ص: 139 ] ثم رأيت
الراغب قال في تفسير سورة البقرة : الظن أعم ألفاظ الشك واليقين ، وهو اسم لما حصل عن أمارة ، فمتى قويت أدت إلى العلم ، ومتى ضعفت جدا لم تتجاوز حد الوهم ، وأنه متى قوي استعمل فيه " أن " المشددة ، و " أن " المخففة منها ، ومتى ضعف استعمل معه " إن " و " إن " المختصة بالمعدومين من الفعل والقول ، نحو : ظننت أن أخرج وأن يخرج ، فالظن إذا كان بالمعنى الأول محمود ، وإذا كان بالمعنى الثاني فمذموم . فمن الأول : (
الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) ( البقرة : 46 ) . ومن الثاني : (
إن هم إلا يظنون ) ( الجاثية : 24 ) وقوله : (
وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) ( النجم : 28 )