وعد
فعل يتعدى لمفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما كأعطيته ، وليس كظننت ، قال تعالى : (
وواعدناكم جانب الطور الأيمن ) ( طه : 80 ) فـ " جانب " مفعول ثان ، ولا يكون ظرفا لاختصاصه ، أي وعدناكم إتيانه ، أو مكثا فيه . وقوله تعالى : (
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ) ( الفتح : 20 ) فالغنيمة تكون الغنم .
فإن قلت : الغنم حدث لا يؤخذ ، إنما يقع الأخذ على الأعيان دون المعاني ! ( قلت ) : يجوز أن يكون سمي باسم المصدر ، كالخلق والمخلوق ، أو يقدر محذوف ، أي تمليك مغانم .
فأما قوله تعالى : (
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ) ( المائدة : 9 ) وقوله : (
وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم ) ( النور : 55 ) فإن الفعل لم يتعد فيه إلى مفعول ثان ، ولكن قوله : " ليستخلفنهم " و " لهم مغفرة " تفسير للوعد ، كما أن قوله : (
للذكر مثل حظ الأنثيين ) ( النساء : 11 ) تبيين للوصية في قوله تعالى : (
يوصيكم الله في أولادكم ) ( النساء : 11 ) .
وأما قوله تعالى : (
ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) ( طه : 86 ) (
إن الله وعدكم وعد الحق )
[ ص: 147 ] ( إبراهيم : 22 ) فيحتمل انتصاب الواحد بالمصدر ، أو بأنه المفعول الثاني ، وسمي الموعود به " الوعد " كالمخلوق " الخلق " .
وأما قوله تعالى : (
وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ) ( الأنفال : 7 ) و " إحدى " في موضع نصب مفعول ثان ، و " أنها لكم " بدل منه ، أي إتيان إحدى الطائفتين أو تمليكه ، والطائفتان العير والنصر .
وأما قوله : (
أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ) ( المؤمنون : 35 ) فمن قدر في أن الثانية البدل ، فينبغي أن يقدر محذوفا ، ليتم الكلام ، فيصح البدل ، والتقدير : أيعدكم إرادة أنكم إذا متم ، ليكون اسم الزمان خبرا عن الحدث ، ومن قدر في الثانية البدل لم يحتج إلى تقدير محذوف ، ومن رفع " أنكم " الثانية بالظرف فإنه قال : " أيعدكم أنكم يوم القيامة إخراجكم " لم يحتج إلى ذلك .
وأما قوله : (
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ) ( التوبة : 114 ) فالجملة في موضع جر صفة للنكرة ، وقد عاد الضمير فيها إلى الموصوف ، والفعل متعد إلى واحد .
وأما قوله تعالى : (
وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ) ( الأعراف : 142 ) فلا يجوز أن يكون ثلاثين ظرفا ، لأن الوعد ليس في كلها بل في بعضها ، فيكون مفعولا ثانيا