37 -
سوف
حرف يدل على التأخير والتنفيس ، وزمانه أبعد من زمان السين لما فيها من إرادة التسويف . ومنه قيل : فلان يسوف فلانا ، قال تعالى :
وسوف تسألون ( الزخرف : 44 ) .
[ ص: 247 ] وقال :
سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم ( البقرة : 142 ) فقرب القول .
وممن صرح بالتفاوت بينهما
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وابن الخشاب في " شرح الجمل " ،
وابن يعيش ، وابن أبان ، وابن بابشاذ ، وابن عصفور وغيرهم .
ومنع
ابن مالك كون التراخي في " سوف " أكثر بأن الماضي والمستقبل متقابلان ، والماضي لا يقصد به إلا مطلق المضي دون تعرض لقرب الزمان أو بعده ، فكذا المستقبل ليجري المتقابلان على سنن واحد ، ولأنهما قد استعملا في الوقت الواحد ، وقال تعالى في سورة عم :
كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ( النبأ : 4 - 5 ) وفي سورة التكاثر :
كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ( الآية : 3 - 4 ) . وقوله :
وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ( النساء : 146 ) . وفي موضع آخر
سوف يؤتيهم أجورهم ( النساء : 152 ) . قلت : ولا بد من دليل على أن قوله تعالى :
وسوف يؤت الله المؤمنين ( النساء : 146 ) وقوله :
فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ( النساء : 175 ) معبر به عن معنى واحد .
ولمانع أن يمنعه مستندا إلى أن الله تعالى وعد المؤمنين أحوال خير في الدنيا والآخرة ، فجاز أن يكون ما قرن بالسين لما في الدنيا ، وما قرن بسوف لما في الآخرة ، ولا يخفى خروج قوله :
كلا سيعلمون ( النبأ : 4 ) وقوله :
كلا سوف تعلمون ( التكاثر : 3 ) عن دعواه لأن الوعد والوعيد مع " سوف " لا إسكان فيه ، ومع السين للمبالغة وقصد تقريب الوقوع ، بخلاف ( سيقوم زيد ) ، ( وسوف يقوم ) مما القصد فيه الإخبار المجرد .
[ ص: 248 ] وفرق
nindex.php?page=showalam&ids=12963ابن بابشاذ أيضا بينهما بأن " سوف " تستعمل كثيرا في الوعيد والتهديد ، وقد تستعمل في الوعد . مثال الوعيد :
وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ( الفرقان : 42 ) و
كلا سوف تعلمون ( التكاثر : 4 ) .
وأمثالها في الوعد :
ولسوف يعطيك ربك فترضى ( الضحى : 5 ) فأما قوله تعالى :
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( المائدة : 54 ) لتضمنه الوعد والوعيد جميعا ، فالوعد لأجل المؤمنين المحبين ، والوعيد لما تضمنت من جواب المرتدين بكونهم أعزة عليهم وعلى جميع الكافرين .
والأكثر في السين الوعد ، وتأتي للوعيد . مثال الوعد :
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ( مريم : 96 ) . ومثال الوعيد :
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ( الشعراء : 227 ) .