41 -
عند
ظرف مكان بمعنى لدن إلا أن " عند " معربة ، وكان القياس بناءها لافتقارها إلى ما تضاف إليه كـ " لدن " و " إذ " ، ولكن أعربوا " عند " لأنهم توسعوا فيها ، فأوقعوها على ما هو ملك الشخص حضره أو غاب عنه ، بخلاف " لدن " ، فإنه لا يقال : لدن فلان إلا إذا كان بحضرة القائل ، فـ " عند " بهذا الاعتبار أعم من لدن ويستأنس له بقوله :
آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ( الكهف : 65 ) أي من العلم الخاص بنا وهو علم الغيب .
وقوله :
وهب لنا من لدنك رحمة ( آل عمران : 8 ) الظاهر أنها بمعنى " عندك " ، وكأنها أعم من " لدن " لما ذكرنا ، فهي أعم " من بين يدي " لاختصاص هذه بجهة " أمام " ، فإن من حقيقتها الكون من جهتي مسامتة البدن .
وتفيد معنى القرب .
وقد تجيء بمعنى " وراء " و " أمام " إذا تضمنت معنى " قبل " كـ " بين يدي الساعة " .
وقد تجيء " وراء " بمعنى " لدى " المضمن معنى " أمام " ، كقوله تعالى :
وكان وراءهم ملك ( الكهف : 79 ) .
من ورائه جهنم ( إبراهيم : 16 ) .
ويكفرون بما وراءه ( البقرة : 91 ) . وقوله :
من وراء جدر ( الحشر : 14 ) ويتناول الحالين بالتضايف .
وقد يطلق لتضمنه معنى الطواعية وترك الاختيار مع المخاطب كقوله تعالى :
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( الحجرات : 1 ) من النهي عن التقديم ، أو التقدم على وجه المبادرة بالرأي والقول ، أي لا تقدموا القول ، أو لا تقدموا بالقول بين يدي قول الله ، وعلى هذا يكون المعنى بقوله تعالى :
بين يدي الله ورسوله أملأ بالمعنى .
وإذا ثبت أن " عند " و " لدى " للقرب ، فتارة يكون حقيقيا كقوله تعالى :
[ ص: 254 ] ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ( النجم : 13 إلى 15 ) .
وألفيا سيدها لدى الباب ( يوسف : 25 ) .
وتارة يكون مجازيا ، إما قرب المنزلة والزلفى ، كقوله :
بل أحياء عند ربهم يرزقون ( آل عمران : 169 ) .
إن الذين عند ربك ( الأعراف : 206 ) ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018727إني أبيت عند ربي وعلى هذا قيل : الملائكة المقربون .
أو قرب التشريف ، كقوله :
رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ( التحريم : 11 ) وقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018728اللهم اغفر لي خطئي وعمدي ، وهزلي وجدي ، كل ذلك عندي أي في دائرتي إشارة لأحوال أمته ، وإلا فقد ثبتت له العصمة .
وتارة بمعنى الفضل ومنه :
فإن أتممت عشرا فمن عندك ( القصص : 27 ) أي من فضلك وإحسانك .
وتارة يراد به الحكم كقوله تعالى :
فأولئك عند الله هم الكاذبون ( النور : 13 ) .
وهو عند الله عظيم ( النور : 15 ) أي في حكمه تعالى .
وقوله :
إن كان هذا هو الحق من عندك ( الأنفال : 32 ) أي في حكمك ، وقيل بحذف " عند " في الكلام ، وهي مرادة للإيجاز ، كقوله تعالى :
الحق من ربك ( البقرة : 147 ) .
رسول من الله ( البينة : 2 ) .
عذاب من الرحمن ( مريم : 45 ) أي من عند الرحمن لظهور :
قد جاءكم من الله نور ( المائدة : 15 ) .
[ ص: 255 ] وقد تكون " عند " للحضور ، نحو :
فلما رآه مستقرا عنده ( النمل : 40 ) . وقد يكون الحضور والقرب معنويين ، نحو :
قال الذي عنده علم من الكتاب ( النمل : 40 ) . ويجوز وأنزل عندك .