[ ص: 271 ] 51 -
كلا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : حرف ردع وزجر . قال
الصفار : إنها تكون اسما للرد ، إما لرد ما قبلها ، وإما لرد ما بعدها ، كقوله تعالى :
كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ( التكاثر : 3 - 4 ) هي رد لما قبلها ؛ لأنه لما قال :
ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ( التكاثر : 1 - 2 ) كان إخبارا بأنهم لا يعلمون الآخرة ولا يصدقون بها ، فقال : كلا سوف تعلمون فلا يحسن الوقف عليها هنا إلا لتبيين ما بعدها ، ولو لم يفتقر لما بعدها لجاز الوقف . وقوله :
يحسب أن ماله أخلده كلا ( الهمزة : 3 - 4 ) هي رد لما قبلها فالوقف عليها حسن . انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : شرطه أن يتقدم ما يرد بها " ما " في غرض المتكلم سواء كان من كلام غير المتكلم على سبيل الحكاية أو الإنكار ، أو من كلام غيره .
كقوله تعالى : كلا ( القيامة : 11 ) بعد قوله :
يقول الإنسان يومئذ أين المفر ( القيامة : 10 ) .
وكقوله تعالى :
قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا ( الشعراء : 61 - 62 ) . لأن قوله " قال " حكاية ما يقال بعد تقدم الأول عن الغير .
وكقولك : أنا أهين العالم كلا . انتهى .
وهي نقيض " إي " في الإثبات كقوله :
كلا لا تطعه ( العلق : 19 ) . وقوله :
[ ص: 272 ] أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا ( مريم : 78 - 79 ) . وقوله :
واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا ( مريم : 81 - 82 ) .
وتكون بمعنى حقا صلة لليمين ، كقوله : كلا والقمر ( المدثر : 32 ) .
كلا إذا دكت الأرض دكا دكا ( الفجر : 21 ) .
وقوله :
كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ( المطففين : 15 )
كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ( المطففين : 7 )
كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ( المطففين : 18 ) . وأما قوله :
يحسب أن ماله أخلده كلا ( الهمزة : 3 - 4 ) فيحتمل الأمرين .
وقد اختلف القراء في الوقف عليها . فمنهم من يقف عليها أينما وقعت ، وغلب عليها معنى الزجر . ومنهم من يقف دونها أينما وقعت ، ويبتدئ بها وغلب عليها معنى الزجر . ومنهم من يقف دونها أينما وقعت ويبتدئ بها وغلب عليها أن تكون لتحقيق ما بعدها .
ومنهم من نظر إلى المعنيين ، فيقف عليها إذا كانت بمعنى الردع ، ويبتدئ بها إذا كانت بمعنى التحقيق وهو أولى .
ونقل
ابن فارس عن بعضهم أن ذلك وهذا نقيضان لكلا ، وأن كذلك نقيض لكلا كقوله تعالى :
ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ( محمد : 4 ) على معنى ذلك كما قلنا وكما فعلنا . ومثله :
هذا وإن للطاغين لشر مآب ( ص : 55 ) .
قال : ويدل على هذا المعنى دخول الواو بعد قوله : ذلك ، وهذا لأن ما بعد الواو
[ ص: 273 ] يكون معطوفا على ما قبله بها وإن كان مضمرا ، وقال تعالى :
وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ( الفرقان : 32 ) ثم قال : كذلك أي كذلك فعلنا ونفعله من التنزيل وهو كثير .
وقيل : إنها إذا كانت بمعنى لا فإنها تدخل على جملة محذوفة ، فيها نفي لما قبلها ، والتقدير : ليس الأمر كذلك ، وهي على هذا حرف دال على هذا المعنى ، ولا مواضع لها ، ولا تستعمل عند خلاف النحويين بهذا المعنى إلا في الوقف عليها ، ويكون زجرا وردا أو إنكارا لما قبلها ، وهذا مذهب
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه والأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج وغيرهم ، لأن فيها معنى التهديد والوعيد ، ولذلك لم تقع في القرآن إلا في سورة مكية ، لأن التهديد والوعيد أكثر ما نزل
بمكة ، لأن أكثر عتو المشركين وتجبرهم
بمكة ، فإذا رأيت سورة فيها كلا فاعلم أنها مكية .
وتكون كلا بمعنى حقا عند
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ، فيبتدأ بها لتأكيد ما بعدها ، فتكون في موضع المصدر ، ويكون موضعها نصبا على المصدر ، والعامل محذوف ، أي أحق ذلك حقا .
ولا تستعمل بهذا المعنى عند حذاق النحويين إلا إذا ابتدئ بها لتأكيد ما بعدها .
وتكون بمعنى " ألا " فيستفتح بها الكلام وهي على هذا حرف ، وهذا مذهب
أبي حاتم ، واستدل على أنها للاستفتاح أنه روى أن
جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بخمس آيات من سورة العلق ، ولما قال :
علم الإنسان ما لم يعلم ( الآية : 5 ) طوى النمط ، فهو وقف صحيح ، ثم لما نزل بعد ذلك :
كلا إن الإنسان ليطغى ( العلق : 6 ) فدل على أن الابتداء بكلا من طريق الوحي ، فهي في الابتداء بمعنى ألا عنده .
فقد حصل لكلا معاني النفي في الوقف عليها ، وحقا و ألا في الابتداء بها .
وجميع كلا في القرآن ثلاثة وثلاثون موضعا ، في خمس عشرة سورة ، ليس في النصف الأول من ذلك شيء .
[ ص: 274 ] وقوله تعالى :
كلا إنها كلمة هو قائلها ( المؤمنون : 100 ) على معنى " ألا " ، واختار قوم جعلها بمعنى حقا ، وهو بعيد لأنه يلزم فتح إن بعدها ، ولم يقرأ به أحد .