[ ص: 291 ] القسم الثاني العاملة
وهي على ثلاثة أقسام : جارة ، وناصبة ، وجازمة .
الأولى الجارة وتأتي لمعان : للملك الحقيقي ، كقوله تعالى :
إن الأرض لله ( الأعراف : 128 )
ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ( البقرة : 107 ) ،
ولله جنود السماوات والأرض ( الفتح : 4 ) .
والتمليك ، نحو وهبت لزيد دينارا ، ومنه :
ووهبنا لهم من رحمتنا ( مريم : 50 ) .
والاختصاص ، ومعناها أنها تدل على أن بين الأول والثاني نسبة باعتبار ما دل عليه متعلقه ، نحو : هذا صديق لزيد ، وأخ له ، ونحو :
إن له أبا ( يوسف : 78 ) ، كان لنا منه جدة ، ومنه : الجنة للمؤمنين .
وللتخصيص ، ومنه :
إن وهبت نفسها للنبي ( الأحزاب : 50 ) .
وللاستحقاق ، كقوله تعالى :
ويل للمطففين ( المطففين : 1 ) ،
ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ( الرعد : 25 ) .
والفرق بينه وبين الملك ، أن الملك لما قد حصل وثبت ، وهذا لم يحصل بعد ، لكن هو في حكم الحاصل ، من حيث ما قد استحق . قاله
الراغب . وللولاية ، كقوله :
لله الأمر من قبل ومن بعد ( الروم : 4 ) .
ويجوز أن تجمع هذه الثلاثة ، كقولك : الحمد لله ؛ لأنه يستحق الحمد ، ووليه والمخصوص به ، فكأنه يقول : الحمد لي وإلي .
[ ص: 292 ] وللتعليل ، وهي التي يصلح موضعها ( من أجل ) ، كقوله تعالى :
وإنه لحب الخير لشديد ( العاديات : 8 ) أي من أجل حب الخير .
وقوله تعالى :
لإيلاف قريش ( قريش : 1 ) وهي متعلقة بقوله :
فليعبدوا ( قريش : 3 ) أو بقوله :
فجعلهم كعصف مأكول ( الفيل : 5 ) ولهذا كانتا في مصحف
أبي سورة واحدة . وضعف بأن جعلهم كعصف مأكول ، إنما هو لكفرهم وتجرئهم على البيت .
وقيل : متعلق بمحذوف ، أي اعجبوا .
وقوله تعالى :
سقناه لبلد ميت ( الأعراف : 57 ) أي لأجل بلد ميت بدليل :
فأنزلنا به الماء ( الأعراف : 57 ) ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وهو أولى من قول غيره إنها بمعنى إلى وقوله :
ولا تكن للخائنين خصيما ( النساء : 105 ) أي لا تخاصم الناس لأجل الخائنين .
قال
الراغب : ومعناه كمعنى :
ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ( النساء : 107 ) وليست كالتي في قولك : لا تكن لله خصيما ، لدخولها على المفعول ، أي لا تكن خصيم الله .
وبمعنى " إلى " كقوله تعالى :
وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ( الرعد : 2 ) بدليل قوله :
ويؤخركم إلى أجل مسمى ( إبراهيم : 10 ) .
وقوله :
ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ( الأنعام : 28 ) .
الحمد لله الذي هدانا لهذا ( الأعراف : 43 ) .
ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ( آل عمران : 193 ) . وقوله :
بأن ربك أوحى لها ( الزلزلة : 5 ) ، بدليل :
وأوحى ربك إلى النحل [ ص: 293 ] ( النحل : 68 ) وزيفه
الراغب لأن الوحي للنحل ، جعل ذلك له بالتسخير والإلهام ، وليس كالوحي الموحى إلى الأنبياء ، فاللام على جعل ذلك الشيء له بالتسخير .
وبمعنى على ، نحو :
ويخرون للأذقان ( الإسراء : 109 ) .
فلما أسلما وتله للجبين ( الصافات : 103 ) . وقوله :
إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ( الإسراء : 7 ) أي فعليها ، لأن السيئة على الإنسان لا له ، بدليل قوله تعالى :
فعلي إجرامي ( هود : 35 ) . وقوله :
من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ( فصلت : 46 ) وقوله :
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ( البقرة : 196 ) ، أي لم يكن . وقوله :
لهم اللعنة ولهم سوء الدار ( الرعد : 25 ) .
وبمعنى في كقوله :
ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ( الأنبياء : 47 )
ياليتني قدمت لحياتي ( الفجر : 24 ) .
لا يجليها لوقتها إلا هو ( الأعراف : 187 ) .
وبمعنى بعد ، نحو :
أقم الصلاة لدلوك الشمس ( الإسراء : 78 ) . وقال
ابن أبان : الظاهر أنها للتعليل .
وبمعنى " عن " مع القول كقوله تعالى :
وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا ( الأحقاف : 11 ) أي عن الذين آمنوا ، وليس المعنى خطابهم بذلك ، وإلا لقيل سبقتمونا . وقيل لام التعليل ، وقيل للتبليغ ، والتفت عن الخطاب إلى الغيبة .
وكقوله :
قالت أخراهم لأولاهم ( الأعراف : 38 ) وأما قوله :
وقالت أولاهم لأخراهم ( الأعراف : 39 ) فاللام للتبليغ ، كذلك قسمها
ابن مالك كقوله تعالى :
ألم أقل لك ( الكهف : 75 ) .
[ ص: 294 ] وغيره يسميها لام التبليغ ، فإن عرف من غاب عن القول حقيقة أو حكما فللتعليل ، نحو :
وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا ( آل عمران : 156 )
ولا أقول للذين تزدري أعينكم ( هود : 31 ) .
وذكر
ابن مالك وغيره ضابطا في اللام المتعلقة بالقول ، وهو أنه إن دخلت على مخاطبة القائل ، فهي لتعدية القول للمقول له ، نحو :
وقولوا لهم قولا معروفا ( النساء : 8 ) . فإن دخلت على غير المخاطب القائل فهي للتعليل كقوله تعالى :
وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا ( آل عمران : 156 ) . وقوله :
الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا ( آل عمران : 168 ) . وقوله :
ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ( النحل : 116 ) . وقوله :
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ( الكهف : 23 - 24 ) . وهو كثير .
وبمعنى " أن " المفتوحة الساكنة . قاله
الهروي ، وجعل منه :
يريدون ليطفئوا نور الله ( الصف : 8 ) .
يريد الله ليبين لكم ( النساء : 26 ) .
وأمرنا لنسلم لرب العالمين ( الأنعام : 71 ) . وهذه اللام لا تكون إلا بعد أردت ، وأمرت ، وذلك لأنهما يطلبان المستقبل ، ولا يصلحان في الماضي ، فلهذا جعل معهما بمعنى " أن " وبذلك صرح صاحب الكشاف في تفسير سورة الصف ، فقال :
يريدون ليطفئوا نور الله ( الآية : 8 ) كما جاء في سورة " براءة " .
وللتعدية ، وهي التي تعدي العامل إذا عجز ، نحو :
إن كنتم للرؤيا تعبرون ( يوسف : 43 ) ، فاللام فيه للتعدية ، لأن الفعل يضعف بتقديم المفعول عليه .
وسماها
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : آلة الفعل ، وذكر أن البصريين يسمونها لام الإضافة كقوله تعالى :
أن اشكر لي ولوالديك ( لقمان : 14 )
أن أنصح لكم ( هود : 34 ) .
وقال
الراغب : التعدية ضربان : تارة لتقوية الفعل ، ولا يجوز حذفه ، نحو :
وتله للجبين [ ص: 295 ] ( الصافات : 103 ) وتارة يحذف ، نحو :
يريد الله ليبين لكم ( النساء : 36 )
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ( الأنعام : 125 ) فأثبت في موضع وحذف في موضع . انتهى .
وللتبيين أي متعلقة بمحذوف استوفى للتبيين كقوله تعالى :
وقالت هيت لك ( يوسف : 23 ) أي أقبل وتعال أقول لك .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري أن اللام المكسورة تجيء جوابا للقسم كقوله تعالى :
ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي ( النجم : 31 ) والمعنى ليجزين بفتح اللام والتوكيد بالنون ، فلما حذف النون أقام المكسورة مقام المفتوحة . وهذا ضعيف . وذكر مثله عن
أبي حاتم . ويحتمل أن يكون قبلها فعل مقدر أي آمنوا ليجزي .
الثاني الناصبة على قول الكوفيين في موضعين : لام كي ، ولام الجحود .
ولام الجحود هي الواقعة بعد الجحد أي النفي كقوله :
ما كان الله ليذر المؤمنين ( آل عمران : 179 )
وما كان الله ليعذبهم ( الأنفال : 33 )
لم يكن الله ليغفر لهم ( النساء : 168 ) .
وضابطها أنها لو سقطت تم الكلام بدونها ، وإنما ذكرت توكيدا لنفي الكون ، بخلاف لام كي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : اللام في قوله :
ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ( الزمر : 3 ) لام كي ، لأن لام الجحود إذا سقطت لم يختل الكلام ، ولو سقطت اللام من الآية بطل المعنى ، ولأنه يجوز إظهار أن بعد لام كي ، ولا يجوز بعد لام الجحود ، لأنها في
[ ص: 296 ] كلامهم نفي للفعل المستقبل ، فالسين بإزائها ، فلم يظهر بعدها ما لا يكون بعدها ، كقوله تعالى :
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ( الأنفال : 33 ) فجاء بلام الجحد حيث كانت نفيا لأمر متوقع مخوف في المستقبل ، ثم قال تعالى :
وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ( الأنفال : 33 ) فجاء باسم الفاعل الذي لا يختص بزمان ، حيث أراد نفي وقوع العذاب بالمستغفرين على العموم في الأحوال .
ومثله :
وما كان ربك ليهلك القرى ( هود : 117 ) ثم قال :
وما كنا مهلكي القرى ( القصص : 59 ) .
ومثال لام " كي " و " كي " مضمرة معها ، قوله تعالى :
لينذر بأسا ( الكهف : 2 ) وقوله :
لنثبت به فؤادك ( الفرقان : 32 )
لنصرف عنه السوء ( يوسف : 24 )
ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم ( النحل : 39 ) . وقوله :
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء ( البقرة : 143 ) يريد " كي " تكونوا . وقوله :
لتكون لمن خلفك آية ( يونس : 92 ) .
وقد تجيء معها كي ، نحو :
لكي لا يعلم بعد علم شيئا ( النحل : 70 )
لكي لا يكون على المؤمنين حرج ( الأحزاب : 37 )
لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ( آل عمران : 153 ) .
وربما جاءت كي بلا لام كقوله :
كي لا يكون دولة بين الأغنياء ( الحشر : 7 ) وفي معناه لام الصيرورة ، كقوله تعالى :
ليكون لهم عدوا وحزنا ( القصص : 8 )
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ( الذاريات : 56 ) .
وتسمى لام العاقبة ، فإن من المعلوم أنهم لم يلتقطوه لذلك ، بل لضده بدليل قوله :
عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ( القصص : 9 ) .
وحكى
ابن قتيبة عن بعضهم أن علامتها جواز تقدير الفاء موضعها ، وهو يقتضي أنها
[ ص: 297 ] لام التعليل ، لكن الفرق بينها وبين لام التعليل التي في نحو قوله :
لنحيي به بلدة ميتا ( الفرقان : 49 ) أن لام التعليل تدخل على ما هو غرض لفاعل الفعل ، ويكون مرتبا على الفعل وليس في لام الصيرورة إلا الترتب فقط .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسير سورة المدثر : أفادت اللام نفس العلة والسبب ، ولا يجب في العلة أن تكون غرضا ، ألا ترى إلى قولك : خرجت من البلد مخافة الشر ، فقد جعلت المخافة علة لخروجك ، وما هي بغرضك .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك عن
الأشعري ، أن كل لام نسبها الله إلى نفسه فهي للعاقبة والصيرورة دون التعليل ، لاستحالة الغرض .
واستشكله
الشيخ عز الدين بقوله :
كي لا يكون دولة ( الحشر : 7 ) ، وقوله :
إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ( الفتح : 1 - 2 ) فقد صرح فيه بالتعليل ، ولا مانع من ذلك ، إذ هو على وجه التفضل .
وأقول : ما جعلوه للعاقبة هو راجع للتعليل ، فإن التقاطهم أفضى إلى عداوته ، وذلك يوجب صدق الإخبار بكون الالتقاط للعداوة ، لأن ما أفضى إلى الشيء يكون علة ، وليس من شرطه أن يكون نصب العلة صادرا عمن نسب الفعل إليه لفظا ، بل جاز أن يكون ذلك راجعا إلى من ينسب الفعل إليه خلقا ، كما تقول : جاء الغيث لإخراج الأزهار ، وطلعت الشمس لإنضاج الثمار ، فإن الفعل يضاف إلى الشمس والغيث . وجاعلها علتي معلولها خالقها وخالق الفعل المنسوب إليها
كذلك التقاط
آل فرعون موسى ; فإن الله قدره لحكمته وجعله علة لعداوته ، لإفضائه إليه بواسطة حفظه وصيانته ، كما في مجيء الغيث بالنسبة إلى إخراج الأزهار ، وإليه
[ ص: 298 ] يشير
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أيضا : التحقيق أنها لام العلة ، وأن التعليل بها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة ؛ لأنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط كونه لهم عدوا وحزنا ، بل المحبة والتبني ، غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرته ، شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله ، فاللام مستعارة لما يشبه التعليل .
وقال
ابن خالويه في كتاب المبتدأ في النحو : فأما قوله تعالى :
فالتقطه آل فرعون ليكون ( القصص : 8 ) فهي لام " كي " عند الكوفيين ، ولام الصيرورة عند البصريين ، والتقدير : فصار عاقبة أمرهم إلى ذلك لأنهم لم يلتقطوه لكي يكون عدوا . انتهى .
وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=12721ابن الدهان في الآية وجها غريبا على التقديم والتأخير ، أي فالتقط
آل فرعون و
عدوا وحزنا حال من الهاء في
ليكون لهم أي ليتملكوه .
قال : ويجوز أن يكون التقدير : فالتقطه
آل فرعون لكراهة أن يكون لهم عدوا وحزنا ، أي يروه غير مستفيد لهم .
وأما قوله :
ليغفر لك الله ( الفتح : 2 ) فحكى
الهروي عن
أبي حاتم أن اللام جواب القسم ، والمعنى : ليغفرن الله لك ، فلما حذفت النون كسرت اللام ، وإعمالها إعمال كي ، وليس المعنى فتحنا لك لكي يغفر الله لك ، فلم يكن الفتح سببا للمغفرة .
قال : وأنكره
ثعلب ، وقال : هي لام " كي " ، ومعناه لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة ، فلما انضم إلى المغفرة شيء حادث واقع ، حسن معه " كي " .
[ ص: 299 ] وكذلك قوله :
ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون ( التوبة : 121 ) .
وأما قوله تعالى :
ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ( يونس : 88 ) فقال
الفراء : لام كي .
وقال
قطرب والأخفش : لم يؤتوا المال ليضلوا ، ولكن لما كان عاقبة أمرهم الضلال كانوا كأنهم أوتوها لذلك فهي لام العاقبة .
هذا كله على مذهب الكوفيين ، وأما البصريون فالنصب عندهم بإضمار أن وهما جارتان للمصدر ، واللام الجارة هي لام الإضافة .
واعلم أن
الناصبة للمضارع تجيء لأسباب :
منها القصد والإرادة إما في الإثبات ، نحو :
ولتنذر أم القرى ومن حولها ( الأنعام : 92 ) أو النفي ، نحو :
وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم ( البقرة : 143 ) فهو على تقدير حذف المضاف ، أي لنعلم ملائكتنا وأولياءنا .
ويجوز أن يكون تعالى خاطب الخلق بما يشاكل طريقتهم في معرفة البواطن والظواهر على قدر فهم المخاطب .
وقد تقع موقع " أن " وإن كانت غير معلولة لها في المعنى ، وذلك إن كان الكلام متضمنا لمعنى القصد والإرادة ، نحو :
وأمرنا لنسلم لرب العالمين ( الأنعام : 71 ) .
إنما يريد الله ليعذبهم بها ( التوبة : 55 ) . ومنها العاقبة على ما سبق .
الثالث : الجازمة ، وهي الموضوعة للطلب ، وتسمى لام الأمر ، وتدخل على المضارع لتؤذن أنه مطلوب للمتكلم ، وشرطها أن يكون الفعل لغير الفاعل المخاطب ، نحو : ليضرب عمرو ولنضرب ، ولأضرب أنا إلا في لغة قليلة يدخلونها على الفعل ، وإن كان الفاعل المخاطب ، فيقولون : لتضرب أنت ، ومنه قراءة بعضهم : فبذلك فلتفرحوا ( يونس : 58 ) .
[ ص: 300 ] ووصفها أن تكون مكسورة إذا ابتدئ بها ، نحو :
لينفق ذو سعة من سعته ( الطلاق : 7 )
ليستأذنكم ( النور : 58 ) .
وتسكن بعد الواو والفاء ، نحو :
فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي ( البقرة : 186 ) .
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ( الكهف : 29 ) .
ويجوز الوجهان بعد ثم كقوله تعالى :
ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ( الحج : 29 ) قرئ في السبع بتسكين
ليقضوا وبتحريكه . وتجيء لمعان منها : التكليف كقوله تعالى :
لينفق ذو سعة من سعته ( الطلاق : 7 ) .
والتكلف ومنها أمر المكلف نفسه كقوله تعالى :
ولنحمل خطاياكم ( العنكبوت : 12 ) . والابتهال وهو الدعاء ، نحو :
ليقض علينا ربك ( الزخرف : 77 ) .
والتهديد ، نحو :
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ( الكهف : 29 ) . والخبر ، نحو :
من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ( مريم : 75 ) أي يمد . ويحتمله
ولنحمل ( العنكبوت : 12 ) أي ونحمل .
ويجوز حذفها ورفع الفعل ، ومنه قوله :
تؤمنون بالله ورسوله ( الصف : 11 ) ويدل على أنه للطلب ، قوله تعالى بعد : نغفر لكم ( الصف : 12 ) مجزوما فلولا أنه طلب لم يصح الجزم ؛ لأنه ليس ثم وجه سواه .