فصل
قال
ابن فارس في كتاب " الأفراد " :
كل ما في القرآن من ذكر ( الأسف ) فمعناه الحزن إلا :
فلما آسفونا [ الزخرف : 55 ] فمعناه أغضبونا .
وكل ما فيه من ذكر ( البروج ) فهي الكواكب إلا :
ولو كنتم في بروج مشيدة [ النساء : 78 ] فهي القصور الطوال الحصينة .
وكل ما فيه من ذكر ( البر والبحر ) فالمراد بالبحر الماء ، وبالبر التراب اليابس إلا :
ظهر الفساد في البر والبحر [ الروم : 41 ] فالمراد به البرية والعمران .
وكل ما فيه من ( بخس ) فهو النقص ، إلا :
بثمن بخس [ يوسف : 20 ] أي : حرام .
وكل ما فيه من ( البعل ) فهو الزوج إلا
أتدعون بعلا [ الصافات : 125 ] فهو : الصنم .
وكل ما فيه من ( البكم ) فالخرس عن الكلام بالإيمان ، إلا
عميا وبكما وصما في [ الإسراء : 97 ] ، و
أحدهما أبكم في [ النحل : 76 ] ، فالمراد به عدم القدرة على الكلام مطلقا .
وكل ما فيه ( جثيا ) فمعناه جميعا ، إلا :
وترى كل أمة جاثية [ الجاثية : 28 ] فمعناه تجثو على ركبها .
وكل ما فيه من ( حسبان ) فهو العدد ، إلا :
حسبانا من السماء [ الكهف : 40 ] فهو العذاب .
وكل ما فيه ( حسرة ) فالندامة ، إلا
ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم [ آل عمران : 156 ] فمعناه الحزن .
[ ص: 448 ] وكل ما فيه من ( الدحض ) فالباطل ، إلا
فكان من المدحضين [ الصافات : 141 ] فمعناه من المقروعين .
وكل ما فيه من ( رجز ) فالعذاب إلا :
والرجز فاهجر [ المدثر : 5 ] فالمراد به الصنم .
وكل ما فيه من ( ريب ) فالشك إلا
ريب المنون [ الطور : 30 ] يعني : حوادث الدهر .
وكل ما فيه من ( الرجم ) فهو القتل إلا لأرجمنك [ مريم : 46 ] ، فمعناه : لأشتمنك و
رجما بالغيب [ الكهف : 22 ] أي : ظنا .
وكل ما فيه من ( الزور ) فالكذب مع الشرك ، إلا
منكرا من القول وزورا [ المجادلة : 2 ] ; فإنه كذب غير الشرك .
وكل ما فيه من ( زكاة ) فهو المال ، إلا
وحنانا من لدنا وزكاة [ مريم : 13 ] أي طهرة .
وكل ما فيه من ( الزيغ ) فالميل ، إلا
وإذ زاغت الأبصار [ الأحزاب : 10 ] أي شخصت .
وكل ما فيه من ( سخر ) فالاستهزاء ، إلا سخريا في [ الزخرف : 32 ] فهو من التسخير والاستخدام .
وكل ( سكينة ) فيه طمأنينة ، إلا التي في قصة
طالوت فهو شيء كرأس الهرة له جناحان .
وكل ( سعير ) فيه فهو النار والوقود ، إلا
لفي ضلال وسعر [ القمر : 47 ] فهو العناء .
وكل ( شيطان ) فيه فإبليس وجنوده ، إلا
وإذا خلوا إلى شياطينهم [ البقرة : 14 ] .
وكل ( شهيد ) فيه غير القتلى فمن يشهد في أمور الناس ، إلا
وادعوا شهداءكم [ البقرة : 23 ] فهو شركاؤكم .
وكل ما فيه من ( أصحاب النار ) فأهلها إلا
وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة [ المدثر : 31 ] فالمراد خزنتها .
وكل ( صلاة ) فيه عبادة ورحمة ، إلا
وصلوات ومساجد [ الحج : 40 ] فهي الأماكن .
وكل ( صمم ) فيه ، ففي سماع الإيمان والقرآن خاصة ، إلا الذي في الإسراء .
وكل ( عذاب ) فيه فالتعذيب ، إلا :
وليشهد عذابهما [ النور : 2 ] فهو الضرب .
وكل ( قنوت ) فيه طاعة ، إلا :
كل له قانتون [ البقرة : 116 ] [ الروم : 26 ] فمعناه : مقرون .
[ ص: 449 ] وكل ( كنز ) فيه مال ، إلا الذي في الكهف فهو صحيفة علم .
وكل ( مصباح ) فيه كوكب ، إلا الذي في النور فالسراج .
وكل ( نكاح ) فيه تزوج ، إلا
حتى إذا بلغوا النكاح [ النساء : 6 ] فهو الحلم .
وكل ( نبأ ) فيه خبر ، إلا :
فعميت عليهم الأنباء [ القصص : 60 ] فهي الحجج .
وكل ( ورود ) فيه دخول ، إلا :
ولما ورد ماء مدين [ القصص : 23 ] يعني : هجم عليه ولم يدخله .
وكل ما فيه من :
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ البقرة : 286 ] فالمراد من العمل ، إلا التي في الطلاق فالمراد من النفقة .
وكل ( يأس ) فيه قنوط ، إلا التي في الرعد فمن العلم .
وكل ( صبر ) فيه محمود ، إلا
لولا أن صبرنا عليها [ الفرقان : 42 ]
واصبروا على آلهتكم [ ص : 6 ] .
هذا آخر ما ذكره
ابن فارس .
وقال غيره : كل ( صوم ) فيه فمن العبادة ، إلا
نذرت للرحمن صوما [ مريم : 26 ] أي : صمتا .
وكل ما فيه من ( الظلمات والنور ) فالمراد الكفر والإيمان ، إلا التي في أول الأنعام ، فالمراد : ظلمة الليل ، ونور النهار .
وكل ( إنفاق ) فيه فهو الصدقة ، إلا
فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا [ الممتحنة : 11 ] ، فالمراد به المهر .
وقال
الداني : كل ما فيه من ( الحضور ) - بالضاد - فهو من المشاهدة إلا موضعا واحدا ، فإنه بالظاء من الاحتظار وهو المنع ، وهو قوله تعالى :
كهشيم المحتظر [ القمر : 31 ] .
وقال
ابن خالويه : ليس في القرآن ( بعد ) بمعنى ( قبل ) إلا حرف واحد :
ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر [ الأنبياء : 105 ] .
قال
مغلطاي في كتاب " الميسر " : قد وجدنا حرفا آخر وهو قوله تعالى :
والأرض بعد ذلك دحاها [ النازعات : 30 ] .
قال
أبو موسى في كتاب " المغيث " : معناه هنا : قبل ; لأنه تعالى خلق الأرض في يومين ، ثم استوى إلى السماء ، فعلى هذا خلق الأرض قبل خلق السماء . انتهى .
قلت : قد تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعون لشيء من هذا النوع .
[ ص: 450 ] فأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، وغيرهما من طريق
دراج ، عن
أبي الهيثم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979714كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة . هذا إسناده جيد
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان يصححه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، من طريق
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كل شيء في القرآن ( أليم ) فهو الموجع .
وأخرج من طريق
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كل شيء في القرآن ( قتل ) فهو لعن .
وأخرج من طريق
الضحاك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كل شيء في كتاب الله من ( الرجز ) يعني به العذاب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي : حدثنا
قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16650عمار الدهني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كل ( تسبيح ) في القرآن صلاة ، وكل ( سلطان ) في القرآن حجة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم من طريق
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كل شيء في القرآن ( الدين ) فهو الحساب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري في كتاب " الوقف والابتداء " من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كل ريب شك إلا مكانا واحدا ، في الطور
ريب المنون [ الآية : 30 ] يعني حوادث الأمور .
[ ص: 451 ] وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم وغيره ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، قال : كل شيء في القرآن من ( الرياح ) فهي رحمة ، وكل شيء فيه من ( الريح ) فهو عذاب .
وأخرج عن
الضحاك ، قال : كل ( كأس ) ذكره الله في القرآن إنما عنى به الخمر .
وأخرج عنه قال : كل شيء في القرآن ( فاطر ) فهو خالق .
وأخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، قال : كل شيء في القرآن ( إفك ) فهو كذب .
وأخرج عن
أبي العالية قال : كل آية في القرآن في الأمر بالمعروف فهو الإسلام ، والنهي عن المنكر فهو عبادة الأوثان .
وأخرج عن
أبي العالية ، قال : كل آية في القرآن يذكر فيها ( حفظ الفرج ) فهو من الزنى ، إلا قوله تعالى :
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم [ النور : 30 ] فالمراد ألا يراها أحد .
وأخرج عن
مجاهد قال : كل شيء في القرآن ( إن الإنسان كفور ) إنما يعني به الكفار .
وأخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز قال : كل شيء في القرآن ( خلود ) فإنه لا توبة له .
وأخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : كل شيء في القرآن ( يقدر ) فمعناه يقل .
وأخرج عنه قال : ( التزكي ) في القرآن كله إسلام .
وأخرج عن
أبي مالك قال : ( وراء ) في القرآن ( أمام ) كله ، غير حرفين
فمن ابتغى وراء ذلك [ المؤمنون : 7 ] يعني : سوى ذلك ،
وأحل لكم ما وراء ذلكم [ النساء : 24 ] ، يعني : سوى ذلكم .
وأخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، قال : ما كان ( كسفا ) فهو عذاب ، وما كان ( كسفا ) فهو قطع السحاب .
وأخرج عن
عكرمة ، قال : ما صنع الله فهو ( السد ) ما صنع الناس فهو ( السد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
أبي روق ، قال : كل شيء في القرآن ( جعل ) فهو خلق .
وأخرج عن
مجاهد قال : ( المباشرة ) في كل كتاب الله الجماع .
[ ص: 452 ] وأخرج عن
ابن زيد ، قال : كل شيء في القرآن ( فاسق ) فهو كاذب ، إلا قليلا .
وأخرج
ابن المنذر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قال : ما كان في القرآن ( حنيفا ) مسلما ، وما كان في القرآن ( حنفاء ) مسلمين حجاجا .
وأخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قال : ( العفو ) في القرآن على ثلاثة أنحاء : نحو تجاوز عن الذنب ، ونحو في القصد في النفقة :
ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو [ البقرة : 219 ] ونحو في الإحسان فيما بين الناس :
إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح [ البقرة : 237 ] .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة : ما سمى الله المطر في القرآن إلا عذابا ، وتسميه العرب الغيث .
قلت : استثني من ذلك :
إن كان بكم أذى من مطر [ النساء : 102 ] فإن المراد به الغيث قطعا .
وقال
أبو عبيدة : إذا كان في العذاب فهو أمطرت ، وإذا كان في الرحمة فهو مطرت .
فرع : أخرج
أبو الشيخ ، عن
الضحاك ، قال : قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : احفظ عني كل شيء في القرآن
وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير [ التوبة : 74 ] فهو للمشركين ، فأما المؤمنون فما أكثر أنصارهم وشفعاءهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، عن
مجاهد ، قال : كل طعام في القرآن فهو نصف صاع .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، قال : كل شيء في القرآن ( قليل ) و ( إلا قليل ) فهو دون العشرة .
وأخرج عن
مسروق ، قال : ما كان في القرآن
على صلاتهم يحافظون [ الأنعام : 92 ] ،
حافظوا على الصلوات [ البقرة : 238 ] ، فهو على مواقيتها .
وأخرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، قال : كل شيء في القرآن : (
وما يدريك ) فلم يخبر به (
وما أدراك ) فقد أخبر به .
وأخرج عنه قال : كل ( مكر ) في القرآن فهو عمل .
[ ص: 453 ] وأخرج عن
مجاهد ، قال : ما كان في القرآن ( قتل ) ، ( لعن ) فإنما عني به الكافر .
وقال
الراغب في " مفرداته " : قيل : كل شيء ذكره الله بقوله : (
وما أدراك ) فسره ، وكل شيء ذكره بقوله : (
وما يدريك ) تركه . وقد ذكر
وما أدراك ما سجين [ المطففين : 8 ]
وما أدراك ما عليون [ المطففين : 19 ] ، ثم فسر الكتاب ، لا السجين ولا العليون . وفي ذلك نكتة لطيفة . انتهى . ولم يذكرها .
وبقيت أشياء تأتي في النوع الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى - .