أن : بالفتح والتخفيف على أوجه :
الأول : أن تكون حرفا مصدريا ناصبا للمضارع ، ويقع في موضعين :
في الابتداء : فيكون في محل رفع ، نحو :
وأن تصوموا خير لكم [ البقرة : 184 ] ، وأن تعفوا أقرب للتقوى [ البقرة : 237 ] .
وبعد لفظ دال على معنى غير اليقين : فيكون في محل رفع ، نحو :
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع [ الحديد : 16 ] ،
وعسى أن تكرهوا شيئا [ البقرة : 216 ] . ونصب ، نحو :
نخشى أن تصيبنا دائرة [ المائدة : 52 ] ،
وما كان هذا القرآن أن يفترى [ يونس : 37 ]
فأردت أن أعيبها [ الكهف : 79 ] . وخفض ، نحو :
أوذينا من قبل أن تأتينا [ الأعراف : 129 ] .
من قبل أن يأتي أحدكم الموت [ المنافقون : 10 ] .
و ( أن ) هذه موصول حرفي ، وتوصل بالفعل المتصرف ، مضارعا كما مر ، وماضيا نحو :
لولا أن من الله علينا [ القصص : 82 ] ،
ولولا أن ثبتناك [ الإسراء : 74 ] .
وقد يرفع المضارع بعدها إهمالا لها ، حملا على ( ما ) أختها ، كقراءة
ابن محيصن : (
لمن أراد أن يتم الرضاعة ) [ البقرة : 233 ] .
[ ص: 477 ] الثاني : أن تكون مخففة من الثقيلة ، فتقع بعد فعل اليقين أو ما نزل منزلته ، نحو :
أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا [ طه : 89 ] ،
علم أن سيكون [ المزمل : 20 ] ، ( وحسبوا أن لا تكون ) [ المائدة : 71 ] في قراءة الرفع .
الثالث : أن تكون مفسرة بمنزلة أي : ، نحو :
فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا [ المؤمنون : 27 ] ،
ونودوا أن تلكم الجنة [ الأعراف : 43 ] .
وشرطها : أن تسبق بجملة ، فلذلك غلط من جعل منها :
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [ يونس : 10 ] .
وأن يتأخر عنها جملة .
وأن يكون في الجملة السابقة معنى القول ، ومنه :
وانطلق الملأ منهم أن امشوا [ ص : 6 ] إذ ليس المراد بالانطلاق المشي ، بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام ، كما أنه ليس المراد المشي المتعارف بل الاستمرار على المشي .
وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن التي في قوله :
أن اتخذي من الجبال بيوتا [ النحل : 68 ] مفسرة ، بأن قبله :
وأوحى ربك إلى النحل ، والوحي هنا إلهام باتفاق ، وليس في الإلهام معنى القول ، وإنما هي مصدرية ، أي : باتخاذ الجبال .
وألا يكون في الجملة السابقة أحرف القول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في قوله :
ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله [ المائدة : 117 ] : إنه يجوز أن تكون مفسرة للقول على تأويله بالأمر ، أي : ما أمرتهم إلا بما أمرتني به أن اعبدوا الله .
قال
ابن هشام : وهو حسن ، وعلى هذا فيقال في الضابط أن لا تكون فيه حروف إلا والقول مئول بغيره .
قلت : وهذا من الغرائب ، كونهم يشرطون أن يكون فيها معنى القول ، فإذا جاء لفظه أولوه بما فيه معناه مع صريحه ، وهو نظير ما تقدم من جعلهم ( أل ) في ( الآن ) زائدة ، مع قولهم بتضمنها معناها .
وألا يدخل عليها حرف جر .
الرابع : أن تكون زائدة ، والأكثر أن تقع بعد لما التوقيتية ، نحو :
ولما أن جاءت رسلنا لوطا [ العنكبوت : 33 ] .
[ ص: 478 ] وزعم
الأخفش : أنها تنصب المضارع وهي زائدة ، وخرج عليه :
وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله [ البقرة : 246 ]
وما لنا ألا نتوكل على الله [ إبراهيم : 12 ] ، قال : فهي زائدة ، بدليل :
وما لنا لا نؤمن بالله [ المائدة : 84 ] .
الخامس : أن تكون شرطية كالمكسورة ، قاله الكوفيون . وخرجوا عليه :
أن تضل إحداهما [ البقرة : 282 ] ،
أن صدوكم عن المسجد الحرام [ المائدة : 2 ] ،
صفحا أن كنتم قوما مسرفين [ الزخرف : 5 ] .
قال
ابن هشام : ويرجحه عندي تواردهما على محل واحد ، والأصل التوافق ، وقد قرئ بالوجهين في الآيات المذكورة ، ودخول الفاء بعدها في قوله :
فتذكر [ البقرة : 282 ] .
السادس : أن تكون نافية ، قال بعضهم في قوله :
أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم [ آل عمران : 73 ] أي : لا يؤتى ، والصحيح أنها مصدرية ، أي : ولا تؤمنوا أن يؤتى ، أي : بإيتاء أحد .
السابع : أن تكون للتعليل ، كما قاله بعضهم في قوله تعالى :
بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم [ ق : 2 ] ،
يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا [ الممتحنة : 1 ] والصواب أنها مصدرية ، وقبلها لام العلة مقدرة .
الثامن : أن تكون بمعنى لئلا ، قاله بعضهم في قوله :
يبين الله لكم أن تضلوا [ النساء : 176 ] ، والصواب أنها مصدرية ، والتقدير : كراهة أن تضلوا .