صفحة جزء
كل

كل : اسم موضوع لاستغراق أفراد المنكر المضاف هو إليه ، نحو : كل نفس ذائقة الموت [ آل عمران : 185 ] ، والمعرف المجموع ، نحو : وكلهم آتيه يوم القيامة فردا [ مريم : 95 ] . كل الطعام كان حلا [ آل عمران : 93 ] ، وأجزاء المفرد المعرف ، نحو : يطبع الله على كل قلب متكبر [ غافر : 35 ] بإضافة قلب إلى متكبر أي : على كل أجزائه ، وقراءة التنوين لعموم أفراد القلوب .

وترد باعتبار ما قبلها وما بعدها على ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تكون نعتا لنكرة أو معرفة : فتدل على كماله ، وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظا ومعنى ، نحو : ولا تبسطها كل البسط [ الإسراء : 29 ] . أي : بسطا كل البسط ، أي : تاما . فلا تميلوا كل الميل [ النساء : 129 ] .

ثانيها : أن تكون توكيدا لمعرفة : ففائدتها العموم ، وتجب إضافتها إلى ضمير راجع [ ص: 512 ] للمؤكد ، نحو : فسجد الملائكة كلهم أجمعون [ الحجر : 30 ] وأجاز الفراء والزمخشري : قطعها حينئذ عن الإضافة لفظا ، وخرج عليه قراءة بعضهم : ( إنا كلا فيها ) [ الزخرف : 48 ]

ثالثها : تكون تابعة بل تالية للعوامل : فتقع مضافة إلى الظاهر وغير مضافة ، نحو : كل نفس بما كسبت رهينة [ المدثر : 38 ] وكلا ضربنا له الأمثال [ الفرقان : 39 ] .

وحيث أضيفت إلى منكر : وجب في ضميرها مراعاة معناها ، نحو : وكل شيء فعلوه [ القمر : 52 ] . وكل إنسان ألزمناه [ الإسراء : 13 ] . كل نفس ذائقة الموت [ آل عمران : 185 ] . كل نفس بما كسبت رهينة . وعلى كل ضامر يأتين [ الحج : 27 ] .

أو إلى معرف : جاز مراعاة لفظها في الإفراد والتذكير ، ومراعاة معناها ، وقد اجتمعا في قوله : إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا [ مريم : 93 - 95 ] .

أو قطعت : فكذلك ، نحو : قل كل يعمل على شاكلته [ الإسراء : 84 ] . فكلا أخذنا بذنبه [ العنكبوت : 40 ] . وكل أتوه داخرين [ النمل : 87 ] . وكل كانوا ظالمين [ الأنفال : 54 ] .

وحيث وقعت في حيز النفي - بأن تقدمت عليها أداته أو الفعل المنفي - فالنفي موجه إلى الشمول خاصة . ويفيد بمفهومه إثبات الفعل لبعض الأفراد .

وإن وقع النفي في خبرها فهو موجه إلى كل فرد ;هكذا ذكره البيانيون .

وقد أشكل على هذه القاعدة قوله : إن الله لا يحب كل مختال فخور [ لقمان : 18 ] إذ يقتضي إثبات الحب لمن فيه أحد الوصفين .

وأجيب : بأن دلالة المفهوم إنما يعول عليها عند عدم المعارض ، وهو هنا موجود ، إذ دل الدليل على تحريم الاختيال والفخر مطلقا .

مسألة : تتصل ( ما ) بكل ، نحو : كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا [ البقرة : 25 ] وهي مصدرية ، ولكنها نابت بصلتها عن ظرف زمان كما ينوب عنه المصدر الصريح ، والمعنى : كل وقت ، ولهذا تسمى ( ما ) هذه المصدرية الظرفية ، أي : النائبة عن الظرف ، لا أنها ظرف في نفسها ; فكل من ( كلما ) منصوب على الظرف لإضافته إلى شيء هو قائم مقامه ، وناصبه الفعل الذي هو جواب في المعنى .

وقد ذكر الفقهاء والأصوليون أن ( كلما ) للتكرار ، قال أبو حيان : وإنما ذلك من عموم [ ص: 513 ] ( ما ) ; لأن الظرفية مراد بها العموم ، و ( كل ) أكدته .

التالي السابق


الخدمات العلمية