فروع منثورة تتعلق بالعموم والخصوص
الأول :
إذا سيق العام للمدح أو الذم ، فهل هو باق على عمومه ؟ فيه مذاهب ؟
أحدها : نعم ; إذ لا صارف عنه ، ولا تنافي بين العموم وبين المدح أو الذم .
والثاني : لا ; لأنه لم يسق للتعميم بل للمدح أو للذم .
والثالث : - وهو الأصح - التفصيل ، فيعم إن لم يعارضه عام آخر لم يسق لذلك
[ ص: 639 ] ولا يعم إن عارضه ذلك ; جمعا بينهما .
مثاله - ولا معارض - قوله تعالى :
إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم [ الانفطار : 13 - 14 ] .
ومع المعارض : قوله تعالى :
والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم [ المؤمنون : 5 - 6 ] فإنه سيق للمدح ، وظاهره يعم الأختين بملك اليمين جمعا . وعارضه في ذلك :
وأن تجمعوا بين الأختين [ النساء : 23 ] ، فإنه شامل لجمعهما بملك اليمين ، ولم يسق للمدح ، فحمل الأول على غير ذلك ، بأن لم يرد تناوله له .
ومثاله في الذم :
والذين يكنزون الذهب والفضة [ التوبة : 34 ] الآية ، فإنه سيق للذم ، وظاهره يعم الحلي المباح ، وعارضه في ذلك حديث
جابر :
ليس في الحلي زكاة . فحمل الأول على غير ذلك .
الثاني : اختلف في
الخطاب الخاص به - صلى الله عليه وسلم - نحو : ( يا أيها النبي ) ( يا أيها الرسول ) هل يشمل الأمة ؟ فقيل : نعم ; لأن أمر القدوة أمر لأتباعه معه عرفا ، والأصح في الأصول المنع ، لاختصاص الصيغة به .
الثالث : اختلف في
الخطاب ب ( يا أيها الناس ) هل يشمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟ على مذاهب :
أصحها - وعليه الأكثرون - نعم ; لعموم الصيغة له . أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : إذا قال الله ( : " يا أيها الذين آمنوا افعلوا ) " فالنبي - صلى الله عليه وسلم - منهم .
والثاني : لا ; لأنه ورد على لسانه لتبليغ غيره ، ولما له من الخصائص .
والثالث : إن اقترن ب : ( قل ) لم يشمله لظهوره في التبليغ ، وذلك قرينة عدم شموله ; وإلا فيشمله .
الرابع : الأصح في الأصول أن
الخطاب ( يا أيها الناس ) يشمل الكافر والعبد لعموم اللفظ . وقيل : لا يعم الكافر بناء على عدم تكليفه بالفروع ، ولا العبد لصرف
[ ص: 640 ] منافعه إلى سيده شرعا .
الخامس : اختلف في ( من ) هل تتناول الأنثى ؟ فالأصح : نعم ، خلافا للحنفية .
لنا قوله تعالى :
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى [ النساء : 124 ] ، فالتفسير بهما دال على تناول ( من ) لهما . وقوله :
ومن يقنت منكن لله [ الأحزاب : 31 ] .
واختلف في جمع المذكر السالم هل يتناولها ؟ فالأصح : لا ، وإنما يدخلن فيه بقرينة . أما المكسر : فلا خلاف في دخولهن فيه .
السادس : اختلف في
الخطاب ب ( يا أهل الكتاب ) ، هل يشمل المؤمنين ؟
فالأصح : لا ; لأن اللفظ قاصر على من ذكر . وقيل : إن شاركوهم في المعنى شملهم وإلا فلا .
واختلف في
الخطاب ب ( يا أيها الذين آمنوا ) هل يشمل أهل الكتاب ؟ فقيل : لا ، بناء على أنهم غير مخاطبين بالفروع . وقيل : نعم واختاره
ابن السمعاني ، قال : وقوله : ( يا أيها الذين آمنوا ) خطاب تشريف لا تخصيص .