تنبيهات :
الأول : قيل
السر في إنزاله جملة إلى السماء : تفخيم أمره وأمر من نزل عليه ، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع : أن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم ، قد قربناه إليهم لننزله عليهم ، ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة ، كسائر الكتب المنزلة قبله ، ولكن الله باين بينه وبينها ، فجعل له الأمرين : إنزاله جملة ، ثم إنزاله مفرقا ; تشريفا للمنزل عليه . ذكر ذلك
أبو شامة في " المرشد الوجيز " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي :
أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ، تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ ببعث
محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن بعثة
محمد - صلى الله عليه وسلم - كانت رحمة ، فلما خرجت الرحمة بفتح الباب جاءت
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن ، فوضع القرآن ببيت العزة في السماء الدنيا ليدخل في حد الدنيا ، ووضعت النبوة في قلب
محمد ، وجاء
جبريل بالرسالة ثم الوحي ، كأنه أراد - تعالى - أن يسلم هذه الرحمة التي كانت حظ هذه الأمة من الله إلى الأمة .
وقال
السخاوي في " جمال القراء " : في نزوله إلى السماء جملة ، تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة ، وتعريفهم عناية الله بهم ورحمته لهم ; ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام ، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر
جبريل بإملائه على السفرة الكرام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له .
قال : وفيه - أيضا - التسوية بين نبينا - صلى الله عليه وسلم - وبين
موسى - عليه السلام - في إنزاله كتابه جملة ، والتفضيل
لمحمد في إنزاله عليه منجما ليحفظه .
[ ص: 160 ] قال
أبو شامة : فإن قلت : فقوله تعالى :
إنا أنزلناه في ليلة القدر من جملة القرآن الذي نزل جملة أم لا ؟ فإن لم يكن منه ، فما نزل جملة وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة ؟ .
قلت : له وجهان :
أحدهما : أن يكون معنى الكلام إنا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر ، وقضيناه وقدرناه في الأزل . والثاني : أن لفظه لفظ الماضي ومعناه الاستقبال ، أي : ينزله جملة في ليلة القدر . انتهى .