[ ص: 90 ] قاعدة .
ينبغي تقليل المقدر مهما أمكن لتقل مخالفة الأصل ، ومن ثم ضعف قول
الفارسي في :
واللائي لم يحضن [ الطلاق : 4 ] ، إن التقدير : فعدتهن ثلاثة أشهر ، والأولى أن يقدر كذلك .
قال
الشيخ عز الدين : ولا يقدر من المحذوفات إلا أشدها موافقة للغرض وأفصحها ؛ لأن العرب لا يقدرون إلا ما لو لفظوا به لكان أحسن وأنسب لذلك الكلام ، كما يفعلون ذلك في الملفوظ به ، نحو :
جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس [ المائدة : 97 ] . قدر
أبو علي : ( جعل الله نصب
الكعبة . وقدر غيره : ( حرمة
الكعبة وهو أولى ؛ لأن تقدير الحرمة في الهدي والقلائد والشهر الحرام لا شك في فصاحته ، وتقدير النصب فيها بعيد من الفصاحة .
قال : ومهما تردد المحذوف بين الحسن والأحسن ، وجب تقدير الأحسن ؛ لأن الله وصف كتابه بأنه أحسن الحديث ، فليكن محذوفه أحسن المحذوفات ، كما أن ملفوظه أحسن الملفوظات .
ومتى تردد بين أن يكون مجملا أو مبينا ، فتقدير المبين أحسن ، نحو :
وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث [ الأنبياء : 78 ] ، لك أن تقدر : ( في أمر الحرث ) . و ( في تضمين الحرث ) ، وهو أولى لتعينه ، والأمر مجمل لتردده بين أنواع .
قاعدة :
إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلا والباقي فاعلا ، وكونه مبتدأ والباقي خبرا ، فالثاني أولى; لأن المبتدأ عين الخبر ، وحينئذ فالمحذوف عين الثابت ، فيكون حذفا كلا حذف ، فأما الفعل فإنه غير الفاعل ، اللهم إلا أن يعتضد الأول برواية أخرى في ذلك الموضع ، أو بموضع آخر يشبهه .
فالأول كقراءة :
يسبح له فيها [ النور : 36 ] بفتح الباء .
كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله [ الشورى : 3 ] بفتح الحاء ، فإن التقدير : ( يسبحه رجال ) ، و ( يوحيه الله ) ، ولا يقدران مبتدأين حذف خبرهما لثبوت فاعلية الاسمين في رواية من بنى الفعل للفاعل .
والثاني : نحو :
ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [ الزخرف : 87 ] ، فتقدير : ( خلقهم
[ ص: 91 ] الله ) أولى من ( الله خلقهم ) لمجيء
خلقهن العزيز العليم [ الزخرف : 9 ] .