النوع السادس : البدل .
والقصد به الإيضاح به بعد الإبهام . وفائدته البيان والتأكيد .
أما الأول فواضح أنك إذا قلت : رأيت زيدا أخاك ، بينت أنك تريد بزيد الأخ لا غير .
أما التأكيد فلأنه على نية تكرار العامل ، فكأنه من جملتين ، ولأنه دل على ما دل عليه الأول : إما بالمطابقة في بدل الكل ، وإما بالتضمين في بدل البعض ، أو بالالتزام في بدل الاشتمال .
مثال الأول :
اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم [ الفاتحة : 6 ، 7 ] ،
وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله [ الشورى : 52 ، 53 ] ،
لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة [ العلق : 15 - 16 ]
ومثال الثاني :
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [ آل عمران : 97 ] ،
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض [ البقرة : 251 ] .
ومثال الثالث :
وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [ الكهف : 63 ] ،
[ ص: 117 ] يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير [ البقرة : 217 ] ،
قتل أصحاب الأخدود النار [ البروج : 4 ، 5 ] ،
لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم [ الزخرف : 33 ] .
وزاد بعضهم بدل الكل من البعض ، وقد وجدت له مثالا في القرآن ، وهو قوله :
يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا جنات عدن [ مريم : 60 ، 61 ] ، فجنات عدن بدل من الجنة التي هي بعض ، وفائدته تقرير أنها جنان كثيرة لا جنة واحدة .
قال
ابن السيد : وليس كل بذل يقصد به رفع الإشكال الذي يعرض في المبدل منه ، بل من البدل ما يراد به التأكيد ، وإن كان ما قبله غنيا عنه كقوله :
وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله [ الشورى : 52 ، 53 ] ، ألا ترى أنه لو لم يذكر الصراط الثاني لم يشك أحد في أن الصراط المستقيم هو صراط الله وقد نص سيبويه على أن من البدل ما الغرض منه التأكيد . انتهى .
وجعل منه
ابن عبد السلام :
وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر [ الأنعام : 74 ] ، قال : ولا بيان فيه لأن الأب لا يلتبس بغيره ، ورد بأنه يطلق على الجد ، فأبدل لبيان إرادة الأب حقيقة .