النوع العشرون :
الاعتراض وسماه
قدامة التفاتا ، وهو الإتيان بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب ، في أثناء كلام أو كلامين اتصلا معنى ، لنكتة غير دفع الإيهام ؛ كقوله :
ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون [ النحل : 57 ] ، فقوله : ( سبحانه ) اعتراض لتنزيه الله سبحانه وتعالى عن البنات ، والشناعة على جاعليها ، وقوله :
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [ الفتح : 27 ] . فجملة الاستثناء اعتراض للتبرك .
ومن وقوعه بأكثر من جملة :
فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم [ البقرة : 222 ، 223 ] ، فقوله : ( نساؤكم ) متصل بقوله : ( فأتوهن ) ؛ لأنه بيان له ، وما بينهما اعتراض للحث على الطهارة وتجنب الأدبار .
وقوله :
ياأرض ابلعي ماءك إلى قوله :
وقيل بعدا [ هود : 44 ] ، فيه اعتراض بثلاث جمل ، وهي : ( وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي ) ، قال في " الأقصى القريب " : ونكتته إفادة أن هذا الأمر واقع بين القولين لا محالة ، ولو أتى به آخرا لكان الظاهر تأخره ، فبتوسطه ظهر كونه غير متأخر ، ثم فيه اعتراض ، فإن : (
وقضي الأمر ) معترض بين ( وغيض ) و ( واستوت ) ؛ لأن الاستواء يحصل عقب الغيض .
وقوله :
ولمن خاف مقام ربه جنتان إلى قوله :
متكئين على فرش [ الرحمن : 46 ، 54 ] ، فيه اعتراض بسبع جمل إذا أعرب حالا منه .
ومن وقوع اعتراض في اعتراض :
فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم [ الواقعة : 75 - 77 ] ، اعتراض بين القسم وجوابه بقوله : (
وإنه لقسم ) الآية . وبين القسم وصفته بقوله : (
لو تعلمون ) تعظيما للمقسم به ، وتحقيقا
[ ص: 129 ] لإجلاله ، وإعلاما لهم بأن له عظمة لا يعلمونها .
قال
الطيبي في " التبيان " : ووجه حسن الاعتراض حسن الإفادة ، مع أن مجيئه مجيء ما لا يترقب ، فيكون كالحسنة تأتيك من حيث لا تحتسب .