[ ص: 130 ] النوع السابع والخمسون في
الخبر والإنشاء .
اعلم أن الحذاق من النحاة وغيرهم وأهل البيان قاطبة على انحصار الكلام فيهما ، وأنه ليس له قسم ثالث .
وادعى قوم : أن أقسام الكلام عشرة : نداء ، ومسألة ، وأمر ، وتشفع ، وتعجب ، وقسم ، وشرط ، ووضع ، وشك ، واستفهام .
وقيل : تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسألة .
وقيل : ثمانية ، بإسقاط التشفع لدخوله فيها .
وقيل : سبعة بإسقاط الشك لأنه من قسم الخبر .
وقال
الأخفش : هي ستة : خبر ، واستخبار ، وأمر ، ونهي ، ونداء ، وتمن .
وقال بعضهم : خمسة : خبر ، وأمر ، وتصريح ، وطلب ، ونداء .
وقال قوم : أربعة : خبر ، واستخبار ، وطلب ، ونداء .
وقال كثيرون : ثلاثة : خبر ، وطلب ، وإنشاء .
قالوا : لأن الكلام إما أن يحتمل التصديق والتكذيب أو لا : الأول الخبر ، والثاني : إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء ، وإن لم يقترن بل تأخر عنه فهو الطلب .
والمحققون على دخول الطلب في الإنشاء ، وأن معنى ( اضرب ) مثلا - وهو طلب الضرب - مقترن بلفظه ، وأما الضرب الذي يوجد بعد ذلك فهو متعلق الطلب لا نفسه .
وقد اختلف الناس في
حد الخبر فقيل : لا يحد لعسره ، وقيل : لأنه ضروري ؛ لأن الإنسان يفرق بين الإنشاء والخبر ضرورة ، ورجحه الإمام في المحصول . والأكثر على حده ، قال
القاضي أبو بكر والمعتزلة : الخبر : الكلام الذي يدخله
[ ص: 131 ] الصدق والكذب . فأورد عليه خبر الله تعالى ، فإنه لا يكون إلا صادقا ، فأجاب القاضي بأنه يصح دخوله لغة .
وقيل : الذي يدخله التصديق والتكذيب ، هو سالم من الإيراد المذكور .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11844أبو الحسن البصري : كلام يفيد بنفسه فأورد عليه ، نحو : ( قم ) فإنه يدخل في الحد ؛ لأن القيام منسوب ، والطلب منسوب .
وقيل : الكلام المفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور نفيا أو إثباتا .
وقيل : القول المقتضي بصريحه نسبة معلوم إلى معلوم بالنفي أو الإثبات .
وقال بعض المتأخرين : الإنشاء ما يحصل مدلوله في الخارج بالكلام ، والخبر خلافه .
وقال بعض من جعل الأقسام ثلاثة :
الكلام إن أفاد بالوضع طلبا فلا يخلو إما أن يكون بطلب ذكر الماهية أو تحصيلها أو الكف عنها ، والأول الاستفهام ، والثاني الأمر ، والثالث النهي ، وإن لم يفد طلبا بالوضع ، فإن لم يحتمل الصدق والكذب سمي تنبيها وإنشاء ; لأنك نبهت به عن مقصودك وأنشأته ؛ أي : ابتكرته ، من غير أن يكون موجودا في الخارج ، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمني والترجي والنداء والقسم أم لا : كأنت طالق ، وإن احتملهما من حيث هو فهو خبر .