[ ص: 172 ] [ نزول القرآن على الأحرف السبعة ] .
المسألة الثالثة :
في
الأحرف السبعة التي نزل القرآن عليها :
قلت : ورد حديث " نزل القرآن على سبعة أحرف " من رواية جمع من الصحابة :
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وأنس nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة بن اليمان nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب وسلمان بن صرد nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=16697وعمرو بن أبي سلمة nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل nindex.php?page=showalam&ids=8859وهشام بن حكيم وأبي بكرة وأبي جهم nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=86وأبي طلحة الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
وأبي أيوب . فهؤلاء أحد وعشرون صحابيا ، وقد نص
أبو عبيد على تواتره .
وأخرج
أبو يعلى في مسنده :
أن عثمان قال على المنبر : أذكر الله رجلا ، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ، كلها شاف كاف " لما قام ، فقاموا حتى لم يحصوا ، فشهدوا بذلك ، فقال : وأنا أشهد معهم .
وسأسوق من رواتهم ما يحتاج إليه ، فأقول : اختلف في معنى هذا الحديث على نحو : أربعين قولا :
أحدها : أنه من المشكل الذي لا يدرى معناه ; لأن الحرف يصدق لغة على حرف الهجاء ، وعلى الكلمة ، وعلى المعنى ، وعلى الجهة . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13220ابن سعدان النحوي .
الثاني : أنه ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد ، بل المراد التيسير والتسهيل والسعة ، ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد ، كما يطلق السبعون في العشرات والسبعمائة في المئين ، ولا يراد العدد المعين . وإلى هذا جنح
عياض ومن تبعه .
ويرده ما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979599أقرأني جبريل [ ص: 173 ] على حرف ، فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف .
وفي حديث
أبي عند
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979600إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف . فرددت إليه : أن هون على أمتي ، فأرسل إلي أن أقرأ على حرفين . فرددت إليه : أن هون على أمتي ، فأرسل إلي : أن اقرأه على سبعة أحرف .
وفي لفظ عنه عند
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979601إن جبريل وميكائيل أتياني ، فقعد جبريل عن يميني ، وميكائيل عن يساري ; فقال جبريل : اقرأ القرآن على حرف ، فقال ميكائيل : استزده . . . حتى بلغ سبعة أحرف .
وفي حديث
أبي بكرة اقرأه ، فنظرت إلى
ميكائيل ، فسكت . فعلمت أنه قد انتهت العدة .
فهذا يدل على إرادة حقيقة العدد وانحصاره .
الثالث : أن المراد بها سبع قراءات ، وتعقب : بأنه لا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه إلا القليل مثل :
وعبد الطاغوت [ المائدة : 60 ]
فلا تقل لهما أف [ الإسراء : 23 ] .
الرابع : وأجيب بأن المراد أن كل كلمة تقرأ بوجه أو وجهين أو ثلاثة أو أكثر إلى سبعة ، ويشكل على هذا أن في الكلمات ما قرئ على أكثر ، وهذا يصلح أن يكون قولا رابعا .
الخامس : أن المراد بها الأوجه التي يقع بها التغاير ، ذكره
ابن قتيبة قال :
[ ص: 174 ] فأولها : ما يتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل :
ولا يضار كاتب [ البقرة : 282 ] بالفتح والرفع .
وثانيها : ما يتغير بالفعل مثل ( باعد ) وباعد [ سبأ : 19 ] بلفظ الماضي والطلب .
وثالثها : ما يتغير بالنقط ، مثل ننشزها [ البقرة : 259 ] ( وننشرها ) .
ورابعها : ما يتغير بإبدال حرف قريب المخرج ، مثل
وطلح منضود [ الواقعة : 29 ] و ( طلع ) .
وخامسها : ما يتغير بالتقديم والتأخير ، مثل
وجاءت سكرة الموت بالحق و ( سكرة الحق بالموت ) .
وسادسها : ما يتغير بزيادة أو نقصان مثل
وما خلق الذكر والأنثى [ الليل : 3 ] ( والذكر والأنثى ) .
وسابعها : ما يتغير بإبدال كلمة بأخرى ، مثل
كالعهن المنفوش و ( كالصوف المنفوش ) .
وتعقب هذا
قاسم بن ثابت ، بأن الرخصة وقعت ، وأكثرهم يومئذ لا يكتب ولا يعرف الرسم ، وإنما كانوا يعرفون الحروف ومخارجها .
وأجيب : بأنه لا يلزم من ذلك توهين ما قاله
ابن قتيبة ; لاحتمال أن يكون الانحصار المذكور في ذلك وقع اتفاقا ، وإنما اطلع عليه بالاستقراء .
[ السادس ] : وقال
أبو الفضل الرازي في اللوائح : الكلام لا يخرج عن سبعة أوجه في الاختلاف :
الأول : اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع ، وتذكير وتأنيث .
والثاني : اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر .
الثالث : وجوه الإعراب .
الرابع : النقص والزيادة .
الخامس : التقديم والتأخير .
السادس : الإبدال .
السابع : اختلاف اللغات كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم والإدغام والإظهار ، ونحو ذلك .
[ ص: 175 ] وهذا هو القول السادس .
[ السابع ] : وقال بعضهم : المراد بها كيفية النطق بالتلاوة من إدغام وإظهار ، وتفخيم ، وترقيق ، وإمالة ، وإشباع ، ومد ، وقصر ، وتشديد ، وتخفيف ، وتليين .
وهذا هو القول السابع .
[ الثامن ] : وقال
ابن الجزري : قد تتبعت صحيح القراءات وشاذها وضعيفها ومنكرها ، فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه ، لا يخرج عنها . وذلك :
إما في الحركات بلا تغير في المعنى والصورة نحو : بالبخل [ النساء : 37 ] بأربعة ويحسب بوجهين .
أو متغير في المعنى فقط : نحو :
فتلقى آدم من ربه كلمات [ البقرة : 37 ] .
وإما في الحروف بتغير المعنى لا الصورة : نحو : تبلو [ يونس : 30 ] و ( تتلو ) .
أو عكس ذلك نحو : ( الصراط ) و ( السراط ) .
أو بتغيرهما : نحو : ( وامضوا ) [ الحجر : 65 ] و ( اسعوا ) .
وإما في التقديم والتأخير : نحو : فيقتلون ويقتلون [ التوبة : 111 ] .
أو في الزيادة والنقصان نحو : وصى و ( أوصى ) .
فهذه سبعة لا يخرج الاختلاف عنها .
قال : وأما نحو اختلاف الإظهار والإدغام والروم والإشمام والتخفيف والتسهيل والنقل والإبدال ، فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع في اللفظ والمعنى; لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه ، عن أن يكون لفظا واحدا . انتهى .
وهذا هو القول الثامن .
ومن أمثلة التقديم والتأخير : قراءة الجمهور :
كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار [ غافر : 35 ] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ( على قلب كل متكبر ) .
التاسع : أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة ، نحو : أقبل وتعال وهلم وعجل ، وأسرع .
[ ص: 176 ] وإلى هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن وهب ، وخلائق . ونسبه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر لأكثر العلماء .
ويدل له : ما أخرجه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ، من حديث
أبي بكرة " أن
جبريل قال : يا
محمد اقرأ القرآن على حرف قال
ميكائيل : استزده حتى بلغ سبعة أحرف قال : كل شاف كاف ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب نحو قولك : تعال وأقبل وهلم واذهب وأسرع وعجل " . هذا اللفظ رواية
أحمد ، وإسناده جيد .
وأخرج
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني - أيضا - عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود نحوه .
وعند
أبي داود ، عن
أبي قلت : " سميعا عليما عزيزا حكيما ، ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب " .
وعند
أحمد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما .
[ ص: 177 ] وعنده - أيضا - من حديث
عمر : " أن القرآن كله صواب ما لم تجعل مغفرة عذابا ، أو عذابا مغفرة " أسانيدها جياد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها : أنها معان متفق مفهومها ، مختلف مسموعها ، لا يكون في شيء منها معنى وضده ، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافا ينفيه ويضاده ، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده .
ثم أسند عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أنه كان يقرأ :
كلما أضاء لهم مشوا فيه [ البقرة : 20 ] ( مروا فيه ) ، ( سعوا فيه ) .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يقرأ :
للذين آمنوا انظرونا [ الحديد : 13 ] ( أمهلونا أخرونا ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : وإنما كان ذلك رخصة ، لما كان يتعسر على كثير منهم التلاوة بلفظ واحد ، لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ ، ثم نسخ بزوال العذر وتيسر الكتابة والحفظ .
وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر والباقلاني وآخرون .
وفي فضائل
أبي عبيد من طريق
عون بن عبد الله : أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أقرأ رجلا :
إن شجرة الزقوم طعام الأثيم [ الدخان : 43 - 44 ] ، فقال الرجل : طعام اليتيم ، فردها عليه ، فلم يستقم بها لسانه .
فقال : أتستطيع أن تقول : طعام الفاجر ؟ قال : نعم ، قال : فافعل .
العاشر : أن المراد سبع لغات : وإلى هذا ذهب
أبو عبيد وثعلب الأزهري وآخرون ، واختاره
ابن عطية ، وصححه
البيهقي في الشعب .
[ ص: 178 ] وتعقب : بأن لغات العرب أكثر من سبعة .
وأجيب : بأن المراد أفصحها ، فجاء عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : نزل القرآن على سبع لغات ; منها خمس بلغة العجز من
هوازن .
قال : والعجز :
سعد بن بكر ،
وجشم بن بكر ،
ونصر بن معاوية ،
وثقيف ; وهؤلاء كلهم من
هوازن . ويقال لهم :
عليا هوازن .
ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء : أفصح العرب
عليا هوازن ، وسفلى
تميم ، يعني :
بني دارم .
وأخرج
أبو عبيد من وجه آخر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : نزل القرآن بلغة الكعبيين :
كعب قريش وكعب خزاعة .
قيل : وكيف ذاك ؟ .
قال : ; لأن الدار واحدة .
يعني : أن
خزاعة كانوا جيران
قريش ، فسهلت عليهم لغتهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم السجستاني : نزل بلغة
قريش وهذيل وتميم والأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر . واستنكر ذلك
ابن قتيبة ، وقال :
لم ينزل القرآن إلا بلغة قريش . واحتج بقوله - تعالى - :
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه [ إبراهيم : 4 ] . فعلى هذا تكون اللغات السبع في بطون
قريش ، وبذلك جزم
nindex.php?page=showalam&ids=13757أبو علي الأهوازي .
وقال
أبو عبيد : ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبع لغات ، بل اللغات السبع مفرقة فيه ، فبعضه بلغة
قريش ، وبعضه بلغة
هذيل ، وبعضه بلغة
هوازن ، وبعضه بلغة
اليمن وغيرهم . قال : وبعض اللغات أسعد به من بعض ، وأكثر نصيبا .
وقيل : نزل بلغة
مضر خاصة ، لقول
عمر : نزل القرآن بلغة
مضر . وعين بعضهم - فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر - السبع من
مضر : أنهم
هذيل ،
وكنانة ،
وقيس ،
وضبة ،
وتيم الرباب [ ص: 179 ] وأسد بن خزيمة ،
وقريش ; فهذه قبائل
مضر تستوعب سبع لغات .
ونقل
أبو شامة عن بعض الشيوخ أنه قال : أنزل القرآن أولا بلسان
قريش ومن جاورهم من العرب الفصحاء ، ثم أبيح للعرب أن يقرءوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها ، عن اختلافهم في الألفاظ والإعراب . ولم يكلف أحدا منهم الانتقال عن لغته إلى لغة أخرى للمشقة ، ولما كان فيهم من الحمية ، ولطلب تسهيل فهم المراد .
وزاد غيره : أن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي ، بأن يغير كل أحد الكلمة بمرادفها في لغته ، بل المرعي في ذلك السماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
واستشكل بعضهم هذا : بأنه يلزم عليه أن
جبريل كان يلفظ باللفظ الواحد سبع مرات .
وأجيب : بأنه يلزم هذا لو اجتمعت الأحرف السبعة في لفظ واحد ، ونحن قلنا : كان
جبريل يأتي في كل عرضة بحرف ، إلى أن تمت سبعة . وبعد هذا كله رد القول بأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=8859وهشام بن حكيم ، كلاهما قرشي من لغة واحدة ، وقد اختلفت قراءتهما ، ومحال أن ينكر عليه
عمر لغته ، فدل على أن المراد بالأحرف السبعة غير اللغات .
القول الحادي عشر : أن المراد سبعة أصناف .
والأحاديث السابقة ترده ، والقائلون به اختلفوا في تعيين السبعة ، فقيل : أمر ونهي وحلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وأمثال .
واحتجوا بما أخرجه
الحاكم والبيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب ، على سبعة أحرف : زاجر وآمر ، وحلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وأمثال . . . . الحديث .
[ ص: 180 ] وقد أجاب عنه قوم : بأنه ليس المراد بالأحرف السبعة التي تقدم ذكرها في الأحاديث الأخرى ; لأن سياق تلك الأحاديث يأبى حملها على هذا ، بل في ظاهره في أن المراد أن الكلمة تقرأ على وجهين وثلاثة إلى سبعة ; تيسيرا وتهوينا ، والشيء الواحد لا يكون حلالا وحراما في آية واحدة .
قال
البيهقي : المراد بالسبعة الأحرف هنا الأنواع التي نزل عليها ، والمراد بها في تلك الأحاديث اللغات التي يقرأ بها .
وقال غيره : من أول السبعة الأحرف بهذا ، فهو فاسد ; لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه وحلالا ما سواه ، ولأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله أو حرام كله ، أو أمثال كله .
وقال
ابن عطية : هذا القول ضعيف ; لأن الإجماع على أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ، ولا تحليل حرام ، ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة .
وقال
الماوردي : هذا القول خطأ ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى جواز
القراءة بكل واحد من الحروف وإبدال حرف بحرف ، وقد أجمع المسلمون على تحريم إبدال آية أمثال بآية أحكام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13757أبو علي الأهوازي وأبو العلاء والهمذاني : قوله في الحديث " زاجر وآمر " إلى إلخ . استئناف كلام آخر ، أي : هو زاجر ، أي القرآن ، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة ، وإنما توهم ذلك من جهة الاتفاق في العدد . ويؤيده : أن في بعض طرقه " زجرا وأمرا " بالنصب ، أي نزل على هذه الصفة في الأبواب السبعة .
وقال
أبو شامة : يحتمل أن يكون التفسير المذكور للأبواب لا للأحرف : أي هي سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه ، أي : أنزله الله على هذه الأصناف ، لم يقتصر منها على صنف واحد كغيره من الكتب .
[ ص: 181 ] [ الثاني عشر ] : وقيل : المراد بها المطلق والمقيد ، والعام والخاص ، والنص والمئول ، والناسخ والمنسوخ ، والمجمل والمفسر ، والاستثناء وأقسامه . حكاه شيذلة عن الفقهاء .
وهذا هو القول الثاني عشر .
[ الثالث عشر ] : وقيل : المراد بها الحذف والصلة ، والتقديم والتأخير ، والاستعارة والتكرار ، والكناية والحقيقة والمجاز ، والمجمل والمفسر ، والظاهر والغريب . حكاه ، عن أهل اللغة .
وهذا هو القول الثالث عشر .
[ الرابع عشر ] : وقيل : المراد بها التذكير والتأنيث ، والشرط والجزاء ، والتصريف والإعراب ، والأقسام وجوابها ، والجمع والإفراد ، والتصغير والتعظيم ، واختلاف الأدوات . حكاه عن النحاة .
وهذا هو الرابع عشر .
[ الخامس عشر ] : وقيل : المراد بها سبعة أنواع من المعاملات : الزهد والقناعة مع اليقين والجزم ، والخدمة مع الحياء والكرم ، والفتوة مع الفقر والمجاهدة ، والمراقبة مع الخوف والرجاء ، والتضرع والاستغفار مع الرضا والشكر ، والصبر مع المحاسبة والمحبة ، والشوق مع المشاهدة . حكاه عن الصوفية .
وهذا هو الخامس عشر .
القول السادس عشر : أن المراد بها سبعة علوم : علم الإنشاء والإيجاد ، وعلم التوحيد والتنزيه ، وعلم صفات الذات ، وعلم صفات الفعل ، وعلم العفو والعذاب ، وعلم الحشر والحساب ، وعلم النبوات .
وقال
ابن حجر : ذكر
القرطبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : أنه بلغ الاختلاف في الأحرف السبعة إلى خمسة وثلاثين قولا ، ولم يذكر
القرطبي منها سوى خمسة ، ولم أقف على كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في هذا ، بعد تتبعي مظانه .
قلت : قد حكاه
ابن النقيب في مقدمة تفسيره عنه بواسطة الشرف المزني المرسي ، فقال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا .
فمنهم من قال : هي زجر وأمر ، وحلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وأمثال .
الثاني : حلال وحرام ، وأمر ونهي وزجر ، وخبر ما هو كائن بعد ، وأمثال .
[ ص: 182 ] الثالث : وعد ووعيد ، وحلال وحرام ، ومواعظ وأمثال ، واحتجاج .
الرابع : أمر ونهي ، وبشارة ونذارة ، وأخبار ، وأمثال .
الخامس : محكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وخصوص وعموم ، وقصص .
السادس : أمر وزجر ، وترغيب وترهيب ، وجدل وقصص ، ومثل .
السابع : أمر ونهي ، وحد وعلم ، وسر ، وظهر وبطن .
الثامن : ناسخ ومنسوخ ، ووعد ووعيد ، ورغم وتأديب ، وإنذار .
التاسع : حلال وحرام ، وافتتاح وأخبار ، وفضائل ، وعقوبات .
العاشر : أوامر وزواجر ، وأمثال ، وأنباء ، وعتب ووعظ ، وقصص .
الحادي عشر : حلال وحرام ، وأمثال ، ومنصوص ، وقصص ، وإباحات .
الثاني عشر : ظهر وبطن ، وفرض وندب ، وخصوص وعموم ، وأمثال .
الثالث عشر : أمر ونهي ، ووعد ووعيد ، وإباحة ، وإرشاد ، واعتبار .
الرابع عشر : مقدم ومؤخر ، وفرائض وحدود ، ومواعظ ، ومتشابه ، وأمثال .
الخامس عشر : مفسر ومجمل ، ومقضي وندب وحتم ، وأمثال .
السادس عشر : أمر حتم ، وأمر ندب ، ونهي حتم ، ونهي ندب ، وأخبار ، وإباحات .
السابع عشر : أمر فرض ، ونهي حتم ، وأمر ندب ، ونهي مرشد ، ووعد ، ووعيد ، وقصص .
الثامن عشر : سبع جهات لا يتعداها الكلام : لفظ خاص أريد به الخاص ، ولفظ عام أريد به العام ، ولفظ عام أريد به الخاص ، ولفظ خاص أريد به العام ، ولفظ يستغنى بتنزيله عن تأويله ، ولفظ لا يعلم فقهه إلا العلماء ، ولفظ لا يعلم معناه إلا الراسخون .
التاسع عشر : إظهار الربوبية ، وإثبات الوحدانية ، وتعظيم الألوهية ، والتعبد لله ، ومجانبة الإشراك ، والترغيب في الثواب ، والترهيب من العقاب .
العشرون : سبع لغات ، منها خمس من
هوازن ، واثنتان لسائر العرب .
الحادي والعشرون : سبع لغات متفرقة لجميع العرب ، كل حرف منها لقبيلة مشهورة .
الثاني والعشرون : سبع لغات ، أربع
لعجز هوازن :
سعد بن بكر ، وجشم بن بكر ، ونصر بن معاوية ، وثلاث
لقريش .
الثالث والعشرون : سبع لغات : لغة
قريش ، ولغة
لليمن ، ولغة
لجرهم ، ولغة
لهوازن ، ولغة
لقضاعة ، ولغة
لتميم ، ولغة
لطيئ .
الرابع والعشرون : لغة
الكعبيين :
nindex.php?page=showalam&ids=6كعب بن عمرو ، وكعب بن لؤي ، ولهما سبع لغات .
[ ص: 183 ] الخامس والعشرون : اللغات المختلفة لأحياء العرب في معنى واحد ، مثل : هلم ، وهات ، وتعال ، وأقبل .
السادس والعشرون : سبع قراءات لسبعة من الصحابة :
أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب - رضي الله عنهم .
السابع والعشرون : همز ، وإمالة ، وفتح ، وكسر ، وتفخيم ، ومد ، وقصر .
الثامن والعشرون : تصريف ، ومصادر ، وعروض ، وغريب ، وسجع ، ولغات مختلفة كلها في شيء واحد .
التاسع والعشرون : كلمة واحدة تعرب بسبعة أوجه ، حتى يكون المعنى واحدا وإن اختلف اللفظ فيها .
الثلاثون : أمهات الهجاء : الألف ، والباء ، والجيم ، والدال ، والراء ، والسين ، والعين ; لأن عليها تدور جوامع كلام العرب .
الحادي والثلاثون : أنها في أسماء الرب مثل الغفور الرحيم ، السميع البصير ، العليم الحكيم .
الثاني والثلاثون : هي آية في صفات الذات ، وآية تفسيرها في آية أخرى ، وآية بيانها في السنة الصحيحة ، وآية في قصة الأنبياء والرسل ، وآية في خلق الأشياء ، وآية في وصف الجنة ، وآية في وصف النار .
الثالث والثلاثون : في وصف الصانع ، وآية في إثبات الوحدانية له ، وآية في إثبات صفاته ، وآية في إثبات رسله ، وآية في إثبات كتبه ، وآية في إثبات الإسلام ، وآية في نفي الكفر .
الرابع والثلاثون : سبع جهات من صفات الذات لله التي لا يقع عليها التكييف .
الخامس والثلاثون : الإيمان بالله ، ومباينة الشرك ، وإثبات الأوامر ، ومجانبة الزواجر ، والثبات على الإيمان ، وتحريم ما حرم الله ، وطاعة رسوله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : فهذه خمسة وثلاثون قولا لأهل العلم واللغة في معنى إنزال القرآن على سبعة أحرف ، وهي أقاويل يشبه بعضها بعضا ، وكلها محتملة ، وتحتمل غيرها .
وقال
المرسي : هذه الوجوه أكثرها متداخلة ، ولا أدري مستندها ولا عمن نقلت ، ولا أدري لم خص كل واحد منهم هذه الأحرف السبعة بما ذكر ، مع أن كلها موجودة في القرآن فلا أدري معنى التخصيص ، وفيها الأشياء لا أفهم معناها على الحقيقة ، وأكثرها يعارضه حديث
عمر مع
nindex.php?page=showalam&ids=8859هشام بن حكيم الذي في الصحيح ، فإنهما لم يختلفا في تفسيره ولا أحكامه ، إنما اختلفا في قراءة حروفه ، وقد ظن كثير من العوام أن المراد بها
القراءات السبع ، وهو جهل قبيح .