[ ص: 186 ] النوع السابع عشر .
في
معرفة أسمائه وأسماء سوره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ : سمى الله كتابه اسما مخالفا لما سمى العرب كلامهم على الجمل والتفصيل ، سمى جملته : قرآنا ، كما سموا : ديوانا ، وبعضه سورة كقصيدة ، وبعضها آية كالبيت ، وآخرها فاصلة كقافية .
وقال
أبو المعاني عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيذلة - بضم عين عزيزي - في كتاب البرهان : اعلم أن الله سمى القرآن بخمسة وخمسين اسما :
سماه كتابا ومبينا في قوله :
حم والكتاب المبين [ الدخان : 1 - 2 ] .
وقرآنا وكريما في قوله :
إنه لقرآن كريم [ الواقعة : 77 ] .
وكلاما :
حتى يسمع كلام الله [ التوبة : 6 ] .
ونورا :
وأنزلنا إليكم نورا مبينا [ النساء : 174 ] .
وهدى ورحمة :
هدى ورحمة للمؤمنين [ يونس : 57 ] .
وفرقانا :
نزل الفرقان على عبده [ الفرقان : 1 ] .
وشفاء :
وننزل من القرآن ما هو شفاء [ الإسراء : 82 ] .
وموعظة :
قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور [ يونس : 57 ] .
وذكرا ومباركا :
وهذا ذكر مبارك أنزلناه [ الأنبياء : 50 ] .
وعليا :
وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم [ الزخرف : 4 ] .
وحكمة :
حكمة بالغة [ القمر : 5 ] .
وحكيما :
تلك آيات الكتاب الحكيم [ يونس : 1 ] .
ومهيمنا :
مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه [ المائدة : 48 ] .
[ ص: 187 ] وحبلا :
واعتصموا بحبل الله [ آل عمران : 103 ] .
وصراطا مستقيما :
وأن هذا صراطي مستقيما [ الأنعام : 153 ] .
وقيما :
قيما لينذر بأسا [ الكهف : 2 ] .
وقولا وفصلا :
إنه لقول فصل [ الطارق : 13 ] .
ونبأ عظيما :
عم يتساءلون عن النبإ العظيم [ النبأ : 1 - 2 ] .
وأحسن الحديث ، ومتشابها ، ومثاني :
الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني [ الزمر : 23 ] .
وتنزيلا :
وإنه لتنزيل رب العالمين [ الشعراء : 192 ] .
وروحا :
أوحينا إليك روحا من أمرنا [ الشورى : 52 ] .
ووحيا :
إنما أنذركم بالوحي [ الأنبياء : 45 ] .
وعربيا :
قرآنا عربيا [ يوسف : 2 ] .
وبصائر :
هذا بصائر [ الأعراف : 203 ] .
وبيانا :
هذا بيان للناس [ آل عمران : 138 ] .
وعلما :
من بعد ما جاءك من العلم [ البقرة : 145 ] .
وحقا :
إن هذا لهو القصص الحق [ آل عمران : 62 ] .
وهديا :
إن هذا القرآن يهدي [ الإسراء : 9 ] .
وعجبا :
قرآنا عجبا [ الجن ] .
وتذكرة :
وإنه لتذكرة [ الحاقة : 48 ] .
والعروة الوثقى :
استمسك بالعروة الوثقى [ البقرة : 256 ] .
وصدقا :
والذي جاء بالصدق [ الزمر : 33 ] .
وعدلا :
وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا [ الأنعام : 115 ] .
وأمرا :
ذلك أمر الله أنزله إليكم [ الطلاق : 5 ] .
ومناديا :
سمعنا مناديا ينادي للإيمان [ آل عمران : 193 ] .
وبشرى :
هدى وبشرى [ النمل : 3 ] .
ومجيدا :
بل هو قرآن مجيد [ البروج : 21 ] .
[ ص: 188 ] وزبورا :
ولقد كتبنا في الزبور [ الأنبياء : 105 ] .
وبشيرا ونذيرا :
كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا [ فصلت : 3 - 4 ] .
وعزيزا :
وإنه لكتاب عزيز [ فصلت : 41 ] .
وبلاغا :
هذا بلاغ للناس [ إبراهيم : 52 ] .
وقصصا :
أحسن القصص [ يوسف : 3 ] .
وسماه أربعة أسماء في آية واحدة :
في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة [ عبس : 14 ] . انتهى .
فأما تسميته كتابا : فلجمعه أنواع العلوم والقصص والأخبار على أبلغ وجه ، والكتاب لغة : الجمع .
والمبين : لأنه أبان ، أي : أظهر الحق من الباطل .
وأما القرآن : فاختلف فيه ، فقال جماعة : هو اسم علم غير مشتق ، خاص بكلام الله . فهو غير مهموز ، وبه قرأ
ابن كثير ، وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، أخرج
البيهقي والخطيب وغيرهما عنه : أنه كان يهمز قرأت ، ولا يهمز القرآن ويقول :
القران اسم وليس بمهموز ولم يؤخذ من قراءة ولكنه اسم لكتاب الله ، مثل التوراة والإنجيل .
وقال قوم ، منهم
الأشعري : هو مشتق من قرنت الشيء بالشيء ، إذا ضممت أحدهما إلى الآخر ، وسمي به ، لقران السور والآيات والحروف فيه .
وقال
الفراء : هو مشتق من القرائن ; لأن الآيات منه يصدق بعضها بعضا ، ويشابه بعضها بعضا وهي قرائن .
وعلى القولين بلا همز أيضا ، ونونه أصلية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هذا القول سهو والصحيح : أن ترك الهمز فيه من باب التخفيف ونقل حركة الهمز إلى الساكن قبلها .
واختلف القائلون بأنه مهموز : فقال قوم منهم
اللحياني : هو مصدر لقرأت ، كالرجحان والغفران ، سمي به الكتاب المقروء ، من باب تسمية المفعول بالمصدر .
وقال آخرون منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو وصف على فعلان ، مشتق من القرء بمعنى الجمع ، ومنه قرأت الماء في الحوض ، أي : جمعته .
قال
أبو عبيدة : وسمي بذلك ، لأنه جمع السور بعضها إلى بعض .
[ ص: 189 ] وقال
الراغب : لا يقال لكل جمع : قرآن ، ولا لجمع كل كلام : قرآن . قال : وإنما سمي قرآنا ; لكونه جمع ، ثمرات الكتب السالفة المنزلة . وقيل : لأنه جمع أنواع العلوم كلها .
وحكى
قطرب قولا : إنه إنما سمي قرآنا ; لأن القارئ يظهره ويبينه من فيه ، أخذا من قول العرب : ما قرأت الناقة سلا قط ، أي : ما رمت بولد ، أي : ما أسقطت ولدا ، أي : ما حملت قط ، والقرآن يلقطه القارئ من فيه ويلقيه ، فسمي قرآنا .
قلت : والمختار عندي في هذه المسألة ما نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وأما الكلام : فمشتق من الكلم بمعنى التأثير ; لأنه يؤثر في ذهن السامع فائدة لم تكن عنده .
وأما النور : فلأنه يدرك به غوامض الحلال والحرام .
وأما الهدى : فلأن فيه الدلالة على الحق ، وهو من باب إطلاق المصدر على الفاعل مبالغة .
وأما الفرقان : فلأنه فرق بين الحق والباطل ، وجهه بذلك
مجاهد ، كما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم .
وأما الشفاء : فلأنه يشفي من الأمراض القلبية كالكفر والجهل والغل ، والبدنية أيضا .
وأما الذكر : فلما فيه من المواعظ وأخبار الأمم الماضية ، والذكر أيضا الشرف ، قال - تعالى - :
وإنه لذكر لك ولقومك [ الزخرف : 44 ] أي : شرف ; لأنه بلغتهم .
وأما الحكمة : فلأنه نزل على القانون المعتبر من وضع كل شيء في محله ، أو لأنه مشتمل على الحكمة .
وأما الحكيم : فلأنه أحكمت آياته بعجيب النظم وبديع المعاني ، وأحكمت عن تطرق التبديل والتحريف والاختلاف والتباين .
وأما المهيمن : فلأنه شاهد على جميع الكتب والأمم السالفة .
وأما الحبل : فلأنه من تمسك به وصل إلى الجنة أو الهدى والحبل : السبب .
وأما الصراط المستقيم : فلأنه طريق إلى الجنة ، قويم لا عوج فيه .
وأما المثاني : فلأن فيه بيان قصص الأمم الماضية فهو ثان لما تقدمه .
[ ص: 190 ] وقيل : لتكرار القصص والمواعظ فيه .
وقيل : لأنه نزل مرة بالمعنى ومرة باللفظ والمعنى لقوله
إن هذا لفي الصحف الأولى [ الأعلى : 18 ] ، حكاه
الكرماني في عجائبه .
وأما المتشابه : فلأنه يشبه بعضه بعضا في الحسن والصدق .
وأما الروح : فلأنه تحيا به القلوب والأنفس .
وأما المجيد : فلشرفه .
وأما العزيز : فلأنه يعز على من يروم معارضته .
وأما البلاغ : فلأنه أبلغ به الناس ما أمروا به ونهوا عنه أو لأن فيه بلاغة وكفاية عن غيره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي في بعض أجزائه : سمعت أبا الكرم النحوي يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13959أبا القاسم التنوخي ، يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14387أبا الحسن الرماني سئل : كل كتاب له ترجمة ، فما ترجمة كتاب الله ؟ فقال :
هذا بلاغ للناس ولينذروا به [ إبراهيم : 52 ] .
وذكر
أبو شامة وغيره في قوله تعالى :
ورزق ربك خير وأبقى [ طه : 131 ] إنه القرآن .
فائدة : حكى
المظفري في تاريخه قال : لما جمع
أبو بكر القرآن قال سموه : فقال بعضهم : سموه إنجيلا ، فكرهوه ، وقال بعضهم : سموه سفرا ، فكرهوه من
يهود . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : رأيت
بالحبشة كتابا يدعونه المصحف ، فسموه به .
قلت : أخرج
ابن أشتة في كتاب " المصاحف " من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال : لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق ، قال
أبو بكر : التمسوا له اسما ، فقال بعضهم : السفر ، وقال بعضهم : المصحف ; فإن
الحبشة يسمونه المصحف . وكان
أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف . ثم أورده من طريق آخر ، عن
ابن بريدة وسيأتي في النوع الذي يلي هذا .
فائدة ثانية : أخرج
ابن الضريس وغيره ، عن
كعب ، قال في التوراة : " يا
محمد إني
[ ص: 191 ] منزل عليك توراة حديثة تفتح أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
قتادة قال : لما أخذ
موسى الألواح قال : يا رب ، إني أجد في الألواح أمة ، أناجيلهم في قلوبهم ، فاجعلهم أمتي . قال : تلك أمة
أحمد .
ففي هذين الأثرين تسمية القرآن توراة وإنجيلا ، ومع هذا لا يجوز الآن أن يطلق عليه ذلك ، وهذا كما سميت التوراة فرقانا في قوله :
وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان [ البقرة : 53 ] وسمى - صلى الله عليه وسلم - الزبور قرآنا في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979602خفف على داود القرآن .