تأكيد المدح بما يشبه الذم ]
تأكيد المدح بما يشبه الذم : قال
ابن أبي الإصبع : هو في غاية العزة في القرآن .
قال : ولم أجد منه إلا آية واحدة ، وهي قوله :
قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله [ المائدة : 59 ] الآية ، فإن الاستثناء - بعد الاستفهام الخارج مخرج التوبيخ على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان - يوهم أن ما يأتي بعده مما يوجب أن ينقم على فاعله مما يذم به ، فلما أتى بعد الاستثناء بما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمنا تأكيد المدح بما يشبه الذم .
قلت : ونظيرها قوله :
وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله [ التوبة : 74 ] ، وقوله :
الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله [ الحج : 40 ] ، فإن ظاهر الاستثناء أن ما بعده حق يقتضي الإخراج فلما كان صفة مدح يقتضي الإكرام لا الإخراج كان تأكيدا للمدح بما يشبه الذم .
[ ص: 166 ] وجعل منه
التنوخي في " الأقصى القريب " :
لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما [ الواقعة : 25 - 26 ] ، استثنى ( سلاما سلاما ) الذي هو ضد اللغو والتأثيم فكان ذلك مؤكدا لانتفاء اللغو والتأثيم . انتهى .