فصل .
بقي
نوعان متعلقان بالفواصل .
أحدهما : التشريع ، وسماه
ابن أبي الإصبع : التوءم ، وأصله أن
يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض ، فإذا أسقط منها جزءا أو جزأين صار الباقي بيتا من وزن آخر ، ثم زعم قوم اختصاصه به .
وقال آخرون : بل يكون في النثر بأن يكون مبنيا على سجعتين لو اقتصر على الأولى منهما كان الكلام تاما مفيدا ، وإن ألحقت به السجعة الثانية كان في التمام والإفادة على حاله مع زيادة معنى ما زاد من اللفظ .
قال
ابن أبي الإصبع : وقد جاء من هذا الباب معظم سورة الرحمن ، فإن آياتها لو اقتصر فيها على أول الفاصلتين دون :
فبأي آلاء ربكما تكذبان [ الرحمن : 18 ] . لكان تاما مفيدا ، وقد كمل بالثانية فأفاد معنى زائدا من التقرير والتوبيخ .
قلت : التمثيل غير مطابق والأولى أن يمثل بالآيات التي في إثباتها ما يصلح أن تكون فاصلة ، كقوله :
لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما [ الطلاق : 12 ] . وأشباه ذلك .
الثاني : الالتزام ويسمى لزوم ما لا يلزم ، وهو أن يلتزم في الشعر أو النثر حرف أو حرفان فصاعدا قبل الروي بشرط عدم الكلفة .
[ ص: 206 ] مثال التزام حرف
فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر [ الضحى : 9 ، 10 ] . التزم الهاء قبل الراء ومثله :
ألم نشرح لك صدرك [ الشرح : 1 ] . الآيات التزم فيها الراء قبل الكاف
فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس [ التكوير : 15 ، 16 ] التزم فيها النون المشددة قبل السين
والليل وما وسق والقمر إذا اتسق [ الانشقاق : 17 ، 18 ] .
ومثال التزام حرفين :
والطور وكتاب مسطور [ الطور : 1 ، 2 ] .
ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون [ القلم : 2 ، 3 ] .
كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق [ القيامة : 26 ، 27 ] .
ومثال التزام ثلاثة أحرف :
تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون [ الأعراف : 201 ، 202 ] .