قال تعالى : (
ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) ( 60 ) .
قوله تعالى : (
ويريدون ) : حال من الذين يزعمون ، أو من الضمير في يزعمون ، ويزعمون من أخوات ظننت في اقتضائها مفعولين ، " وأن " وما عملت فيه تسد مسدهما . (
وقد أمروا ) : في موضع الحال من الفاعل في يريدون ، والطاغوت يؤنث ويذكر ، وقد ذكر ضميره هنا ، وقد تكلمنا عليه في البقرة . (
أن يضلهم ضلالا ) ؛ أي : فيضلوا ضلالا . ويجوز أن يكون ضلالا بمعنى إضلالا ، فوضع أحد المصدرين موضع الآخر .
قال تعالى : (
وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) ( 61 ) .
قوله تعالى : (
تعالوا ) : الأصل تعاليوا ، وقد ذكرنا ذلك في آل عمران ، ويقرأ شاذا بضم اللام ، ووجهه أنه حذف الألف من تعالى اعتباطا ، ثم ضم اللام من أجل واو الضمير . (
يصدون ) : في موضع الحال . و (
صدودا ) : اسم للمصدر ، والمصدر صد ، وقيل : هو مصدر .
قال تعالى : (
فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ) ( 62 ) .
قوله تعالى : (
فكيف إذا أصابتهم مصيبة ) : أي : فكيف يصنعون ؟ . و (
يحلفون ) : حال .
قال تعالى : (
أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ) ( 63 ) .
قوله تعالى : (
في أنفسهم ) : يتعلق بقل لهم . وقيل : يتعلق بـ " بليغا " ؛ أي : يبلغ في نفوسهم وهو ضعيف ؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبلها .
قال تعالى : (
وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) ( 64 ) .
قوله تعالى : (
إلا ليطاع ) : في موضع نصب مفعول له ، واللام تتعلق بأرسلنا .
[ ص: 284 ] و (
بإذن الله ) : حال من الضمير في يطاع . وقيل : هو مفعول به ؛ أي : بسبب أمر الله . و (
إذ ظلموا ) : ظرف ، والعامل فيه خبر إن ، وهو " جاءوك " (
واستغفر لهم الرسول ) : لم يقل : واستغفرت لهم ؛ لأنه رجع من الخطاب إلى الغيبة لما في الاسم الظاهر من الدلالة على أنه الرسول . و ( وجدوا ) : يتعدى إلى مفعولين . وقيل : هي المتعدية إلى واحد . و (
توابا ) : حال . و " رحيما " بدل أو حال من الضمير في تواب .
قال تعالى : (
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) ( 65 ) .
قوله تعالى : (
فلا وربك ) : فيه وجهان : أحدهما : أن " لا " الأولى زائدة ؛ والتقدير : فوربك " لا يؤمنون " . وقيل : الثانية زائدة ، والقسم معترض بين النفي والمنفي . والوجه الآخر : أن " لا " نفي لشيء محذوف ؛ تقديره : فلا يفعلون ، ثم قال : وربك لا يؤمنون . و (
بينهم ) : ظرف لشجر أو حال من " ما " أو من فاعل شجر . و (
ثم لا يجدوا ) : معطوف على يحكموك . و (
في أنفسهم ) : يتعلق بيجدوا تعلق الظرف بالفعل . و (
حرجا ) : مفعول يجدوا ، ويجوز أن يكون في أنفسهم حالا من حرج ، وكلاهما على أن " يجدوا " المتعدية إلى مفعول واحد ، ويجوز أن تكون المتعدية إلى اثنين ، وفي أنفسهم أحدهما . و (
مما قضيت ) : صفة لحرج فيتعلق بمحذوف . ويجوز أن يتعلق بحرج ؛ لأنك تقول حرجت من هذا الأمر . و " ما " يجوز أن تكون بمعنى الذي ، ونكرة موصوفة ومصدرية .