قال تعالى : (
إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ) ( 117 ) .
[ ص: 298 ] قوله تعالى : (
إلا إناثا ) : هو جمع أنثى على فعال ، ويراد به كل ما لا روح فيه من صخرة ، وشمس ، ونحوهما ، ويقرأ أنثى على الإفراد ، ودل الواحد على الجمع ، ويقرأ : " أنثا " مثل رسل ، فيجوز أن تكون صفة مفردة مثل امرأة جنب ، ويجوز أن يكون جمع أنيث كقليب وقلب ، وقد قالوا : جديد أنيث من هذا المعنى . ويقرأ " أنثا " والواحد وثن ، وهو الصنم وأصله وثن في الجمع ، كما في الواحد إلا أن الواو قلبت همزة لما انضمت ضما لازما ، وهو مثل أسد وأسد ، ويقرأ بالواو على الأصل جمعا ، ويقرأ بسكون الثاء مع الهمزة والواو . و (
مريدا ) : فعيل من التمرد .
قال تعالى : (
لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ) ( 118 ) .
قوله تعالى : (
لعنه الله ) : يجوز أن يكون صفة أخرى لشيطان ، وأن يكون مستأنفا على الدعاء . (
وقال ) : يحتمل ثلاثة أوجه : أحدها : أن تكون الواو عاطفة لقال على " لعنه الله " وفاعل قال ضمير الشيطان . والثاني : أن تكون للحال ؛ أي : وقد قال . والثالث : أن تكون الجملة مستأنفة .
قال تعالى : (
ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ) ( 119 ) .
قوله تعالى : (
ولأضلنهم ) : مفعول هذه الأفعال محذوف ؛ أي : لأضلنهم عن الهدى . (
ولأمنينهم ) : الباطل . (
ولآمرنهم ) : بالضلال .
قال تعالى : (
يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) ( 120 ) .
قوله تعالى : (
يعدهم ) : المفعول الثاني محذوف ؛ أي : يعدهم النصر والسلامة ، وقرأ الأعمش بسكون الدال ، وذلك تخفيف لكثرة الحركات .
قال تعالى : (
أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا ) ( 121 ) .
قوله تعالى : (
لعنه الله ) : هو حال من " محيصا " والتقدير : محيصا عنها ، والمحيص مصدر ، فلا يصح أن يعمل فيما قبله ، ويجوز أن يتعلق عنها بفعل محذوف ، وهو الذي يسمى تبيينا ؛ أي : غنى عنها ، ولا يجوز أن يتعلق بيجدون ؛ لأنه لا يتعدى بعن . والميم في المحيص زائدة ، وهو من حاص يحيص إذا تخلص .
[ ص: 299 ] قال تعالى : (
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا ) ( 122 ) .
قوله تعالى : (
والذين آمنوا ) : مبتدأ ، والخبر (
سندخلهم ) ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف يفسره ما بعده ؛ أي : وندخل الذين . و (
وعد الله ) : نصب على المصدر ؛ لأن قوله سندخلهم بمنزلة وعدهم . و (
حقا ) : حال من المصدر ، ويجوز أن يكون مصدرا لفعل محذوف ؛ أي : حق ذلك حقا .
قال تعالى : (
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ) ( 123 ) .
قوله تعالى : (
ليس بأمانيكم ) : اسم ليس مضمر فيها ، ولم يتقدم له ذكر ، وإنما دل عليه سبب الآية ، وذلك أن
اليهود قالوا نحن أصحاب الجنة ، وقالت
النصارى ذلك ، وقال المشركون لا نبعث . فقال ليس بأمانيكم ؛ أي : ليس ما ادعيتموه .
قال تعالى : (
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) ( 124 ) .
قوله تعالى : (
من ذكر أو أنثى ) : في موضع الحال ، وفي صاحبها وجهان : أحدهما : ضمير الفاعل في يعمل . والثاني : من الصالحات ؛ أي : كائنة من ذكر أو أنثى أو واقعة ، ومن الأولى زائدة عند
الأخفش ، وصفة عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ؛ أي : شيئا من الصالحات : وهو مؤمن حال أيضا .
قال تعالى : (
ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا ) ( 125 ) .
قوله تعالى : (
ممن أسلم ) : يعمل فيه أحسن ، وهو مثل قولك زيد أفضل من عمرو ؛ أي : يفضل عمرا . و (
لله ) : يتعلق بأسلم . ويجوز أن يكون حالا من " وجهه " . (
واتبع ) : معطوف على أسلم . و (
حنيفا ) : حال ، وقد ذكر في البقرة ، ويجوز أن يكون هاهنا حالا من الضمير في اتبع . (
واتخذ الله ) : مستأنف .