قال تعالى : (
فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ) ( 160 ) .
قوله تعالى : (
فبظلم ) : الباء تتعلق بحرمنا ، وقد ذكرنا حكم الفاء قبل . (
كثيرا ) : أي : صدا كثيرا ، أو زمانا كثيرا .
قال تعالى : (
وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ) ( 161 ) .
قوله تعالى : (
وأخذهم ) ، و ( أكلهم ) : معطوف على صدهم ، والجميع متعلق بحرمنا ، والمصادر مضافة إلى الفاعل . (
وقد نهوا عنه ) : حال .
قال تعالى : (
لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما ) ( 162 ) .
قوله تعالى : (
لكن الراسخون ) : الراسخون : مبتدأ . و (
في العلم ) : متعلق به . و (
منهم ) : في موضع الحال من الضمير في " الراسخون " (
والمؤمنون ) : معطوف على
[ ص: 309 ] الراسخون ، وفي خبر الراسخون وجهان : أحدهما : (
يؤمنون ) : وهو الصحيح . والثاني : هو قوله : " أولئك سنؤتيهم " . (
والمقيمين ) : قراءة الجمهور بالياء ، وفيه عدة أوجه : أحدها : أنه منصوب على المدح ؛ أي : وأعني المقيمين ، وهو مذهب
البصريين ، وإنما يأتي ذلك بعد تمام الكلام . والثاني : أنه معطوف على ما ؛ أي : يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين ، والمراد بهم الملائكة . وقيل التقدير : وبدين المقيمين ، فيكون المراد بهم المسلمين . والثالث : أنه معطوف على قبل تقديره : ومن قبل المقيمين ، فحذف " قبل " ، وأقيم المضاف إليه مقامه . والرابع : أنه معطوف على الكاف في " قبلك " . والخامس : أنه معطوف على الكاف في " إليك " . والسادس : أنه معطوف على الهاء والميم في منهم ، وهذه الأوجه الثلاثة عندنا خطأ ؛ لأن فيها عطف الظاهر على المضمر من غير إعادة الجار .
وأما (
والمؤتون الزكاة ) : ففي رفعه أوجه : أحدها : هو معطوف على الراسخون . . والثاني : هو معطوف على الضمير في الراسخون . والثالث : هو معطوف على الضمير في المؤمنون . والرابع : هو معطوف على الضمير في يؤمنون . والخامس : هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : وهم المؤتون . والسادس : هو مبتدأ ، والخبر (
أولئك سنؤتيهم ) .
وأولئك مبتدأ ، وما بعده الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف ؛ أي : ونؤتي أولئك .
قال تعالى : (
إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ) ( 163 ) .
قوله تعالى : (
كما أوحينا ) : الكاف نعت لمصدر محذوف ، وما مصدرية ، ويجوز أن تكون ما بمعنى الذي ، فيكون مفعولا به ؛ تقديره : أوحينا إليك مثل الذي أوحينا إلى
نوح من التوحيد وغيره . و (
من بعده ) : في موضع نصب متعلق بأوحينا . ولا يجوز أن يكون حالا من النبيين ؛ لأن ظروف الزمان لا تكون أحوالا للجثث . ويجوز أن يتعلق " من " بالنبيين . وفي ( يونس ) : لغات ، أفصحها ضم النون من غير همز ، ويجوز فتحها وكسرها
[ ص: 310 ] مع الهمز وتركه ، وكل هذه الأسماء أعجمية إلا الأسباط ، وهو جمع سبط ، والزبور فعول من الزبر ، وهو الكتابة والأشبه أن يكون فعول بمعنى مفعول كالركوب والحلوب ، ويقرأ بضم الزاي وفيه وجهان : أحدهما : هو جمع زبور على حذف الزائد مثل فلس وفلوس . والثاني : أنه مصدر مثل القعود والجلوس ، وقد سمي به الكتاب المنزل على داود .
قال تعالى : (
ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ) ( 164 ) .
قوله تعالى : (
ورسلا ) : منصوب بفعل محذوف تقديره : وقصصنا رسلا . ويجوز أن يكون منصوبا بفعل دل عليه أوحينا ؛ أي : وأمرنا رسلا ؛ ولا عوض لقوله (
قد قصصناهم ) و " لم نقصصهم " على الوجه الأول ؛ لأنه مفسر للعامل ، وعلى الوجه الثاني هما صفتان . و (
تكليما ) : مصدر مؤكد رافع للمجاز .
قال تعالى : (
رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ) ( 165 ) .
قوله تعالى : (
رسلا ) : يجوز أن يكون بدلا من الأول ، وأن يكون مفعولا ؛ أي : أرسلنا رسلا . ويجوز أن يكون حالا موطئة لما بعدها كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا ، ويجوز أن يكون على المدح ؛ أي : أعني رسلا . واللام في " لئلا " يتعلق بما دل عليه الرسل ؛ أي : أرسلناهم لذلك ، ويجوز أن تتعلق بمنذرين ، و (
على الله ) : حال من حجة ، والتقدير : للناس حجة كائنة على الله . ويجوز أن يكون الخبر على الله ، وللناس حال ، ولا يجوز أن يتعلق على الله بحجة ؛ لأنها مصدر . و ( بعد ) : ظرف لحجة . ويجوز أن يكون صفة لها ؛ لأن ظرف الزمان يوصف به المصادر كما يخبر به عنها .
قال تعالى : (
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ) ( 166 ) .
قوله تعالى : (
أنزله ) : لا موضع له ، و (
بعلمه ) : حال من الهاء ؛ أي : أنزله معلوما ، أو أنزله وفيه علمه ؛ أي : معلومه . ويجوز أن يكون حالا من الفاعل ؛ أي : أنزله عالما به . (
والملائكة يشهدون ) : يجوز أن يكون لا موضع له ، ويكون حكمه كحكم لكن الله يشهد ، ويجوز أن يكون حالا ؛ أي : أنزله والملائكة شاهدون بصدقه .