قال تعالى : (
سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ) ( 42 ) .
قوله تعالى : (
سماعون للكذب ) : أي هم سماعون ، ومثله : " أكالون للسحت " . و " السحت " و " السحت " لغتان . وقد قرئ بهما . (
فلن يضروك شيئا ) : في موضع المصدر ؛ أي : ضررا .
قال تعالى : (
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ) ( 43 ) .
قوله تعالى : (
وكيف يحكمونك ) : كيف في موضع نصب على الحال من الضمير الفاعل في يحكمونك . (
وعندهم التوراة ) : جملة في موضع الحال ، والتوراة مبتدأ ، وعندهم الخبر . ويجوز أن ترفع التوراة بالظرف .
(
فيها حكم الله ) : في موضع الحال ، والعامل فيها ما في " عند " من معنى الفعل ، وحكم الله مبتدأ ، أو معمول الظرف .
قال تعالى : (
إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( 44 ) .
قوله تعالى : (
فيها هدى ونور ) : في موضع الحال من التوراة . (
يحكم بها النبيون ) : جملة في الحال من الضمير المجرور في " فيها " . (
للذين هادوا ) : اللام تتعلق بيحكم . (
والربانيون والأحبار ) : عطف على " النبيون " . (
بما استحفظوا ) : يجوز أن يكون بدلا من قوله : " بها " في قوله : " يحكم بها " وقد أعاد الجار لطول الكلام ، وهو جائز أيضا ، وإن لم يطل . وقيل : الربانيون مرفوع بفعل محذوف ؛ والتقدير : ويحكم
[ ص: 329 ] الربانيون والأحبار بما استحفظوا . وقيل : هو مفعول به ؛ أي : يحكمون بالتوراة بسبب استحفاظهم ذلك . و " ما " بمعنى الذي ؛ أي : بما استحفظوه . (
من كتاب الله ) : حال من المحذوف ، أو من " ما " . و ( عليه ) : يتعلق بـ " شهداء " .
قال تعالى : (
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ( 45 ) .
قوله تعالى : (
النفس بالنفس ) : بالنفس في موضع رفع خبر أن ، وفيه ضمير . وأما " العين " إلى قوله تعالى : (
والسن ) : فيقرأ بالنصب عطفا على ما عملت فيه أن ، وبالرفع ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو مبتدأ ، والمجرور خبره ، وقد عطف جملا على جملة . والثاني : أن المرفوع منها معطوف على الضمير في قوله بالنفس ، والمجرورات على هذا أحوال مبينة للمعنى ؛ لأن المرفوع على هذا فاعل للجار ، وجاز العطف من غير توكيد كقوله تعالى : (
ما أشركنا ولا آباؤنا ) [ الأنعام : 148 ] . والثالث : أنها معطوفة على المعنى ؛ لأن معنى " كتبنا عليهم " : قلنا لهم النفس بالنفس .
ولا يجوز أن يكون معطوفا على " أن " وما عملت فيه ؛ لأنها وما عملت فيه في موضع نصب .
وأما قوله : " والجروح " فيقرأ بالنصب حملا على " النفس " وبالرفع وفيه الأوجه الثلاثة .
ويجوز أن يكون مستأنفا ؛ أي : والجروح قصاص في شريعة
محمد . والهاء في " به " للقصاص .
و ( فهو ) : كناية عن التصدق ، والهاء في " له " للمتصدق .
قال تعالى : (
وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ) ( 46 ) .
[ ص: 330 ] قوله تعالى : ( مصدقا ) الأولى حال من عيسى .
و (
من التوراة ) : حال من " ما " أو من الضمير في الظرف . و (
فيه هدى ) : جملة في موضع الحال من الإنجيل . ( ومصدقا ) الثاني : حال أخرى من الإنجيل ، وقيل : من عيسى أيضا . (
وهدى وموعظة ) : حال من الإنجيل أيضا ، ويجوز أن يكون من عيسى ؛ أي هاديا وواعظا ، أو ذا هدى وذا موعظة . ويجوز أن يكون مفعولا من أجله ؛ أي : قفينا للهدى ، أو وآتيناه الإنجيل للهدى . وقد قرئ في الشاذ بالرفع ؛ أي : وفي الإنجيل هدى وموعظة ، وكرر الهدى توكيدا .