قال تعالى : (
وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين ) ( 35 ) .
قوله تعالى : (
وإن كان كبر عليك ) : جواب " إن " هذه (
فإن استطعت ) ؛ فالشرط الثاني جواب الأول ، وجواب الشرط الثاني محذوف تقديره : فافعل ، وحذف لظهور معناه وطول الكلام . (
في الأرض ) : صفة لنفق ، ويجوز أن يتعلق بتبتغي .
ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل ؛ أي : وأنت في الأرض ، ومثله : " في السماء " .
قال تعالى : (
إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ) ( 36 ) .
قوله تعالى : (
والموتى يبعثهم الله ) : في الموتى وجهان : أحدهما : هو في موضع نصب بفعل محذوف ؛ أي : ويبعث الله الموتى ، وهذا أقوى ؛ لأنه اسم قد عطف على اسم عمل فيه الفعل . والثاني : أن يكون مبتدأ ، وما بعده الخبر ، ويستجيب بمعنى يجيب .
[ ص: 367 ] قال تعالى : (
وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ) ( 37 ) .
قوله تعالى : (
من ربه ) : يجوز أن يكون صفة لآية ، وأن يتعلق بنزل .
قال تعالى : (
وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) ( 38 ) .
قوله تعالى : (
في الأرض ) : يجوز أن يكون في موضع جر صفة لدابة ، وفي موضع رفع صفة لها أيضا على الموضع ؛ لأن من زائدة . (
ولا طائر ) : معطوف على لفظ دابة ، وقرئ بالرفع على الموضع . ( بجناحيه ) : يجوز أن تتعلق الباء بيطير ، وأن تكون حالا ، وهو توكيد ، وفيه رفع مجاز ؛ لأن غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع . (
من شيء ) : " من " زائدة ؛ " وشيء " هنا واقع موقع المصدر ؛ أي : تفريطا ، وعلى هذا التأويل لا يبقى في الآية حجة لمن ظن أن الكتاب يحتوي على ذكر كل شيء صريحا .
ونظير ذلك (
لا يضركم كيدهم شيئا ) : أي ضررا وقد ذكرنا له نظائر .
ولا يجوز أن يكون " شيئا " مفعولا به ؛ لأن فرطنا لا تتعدى بنفسها بل بحرف الجر ، وقد عديت بفي إلى الكتاب فلا تتعدى بحرف آخر ، ولا يصح أن يكون المعنى ما تركنا في الكتاب من شيء ؛ لأن المعنى على خلافه ؛ فبان أن التأويل ما ذكرنا .
قال تعالى : (
والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ) ( 39 ) .
قوله تعالى : (
والذين كذبوا ) : مبتدأ ، و (
صم وبكم ) : الخبر ، مثل : حلو حامض ، والواو لا تمنع ذلك .
ويجوز أن يكون " صم " خبر مبتدأ محذوف تقديره : بعضهم صم ، وبعضهم بكم .
(
في الظلمات ) : يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا من الضمير المقدر في الخبر ، والتقدير : ضالون في الظلمات .
ويجوز أن يكون في الظلمات خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هم في الظلمات .
[ ص: 368 ] ويجوز أن يكون صفة لبكم ؛ أي : كائنون في الظلمات ، ويجوز أن يكون ظرفا لصم أو بكم ، أو لما ينوب عنهما من الفعل .
(
من يشأ الله ) : من في موضع مبتدأ ، والجواب الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف ؛ لأن التقدير : من يشأ الله إضلاله أو عذابه ، فالمنصوب بـ " يشأ " من سبب " من " ، فيكون التقدير : من يعذب أو من يضلل ، ومثله ما بعده .