قال تعالى : (
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ) ( 61 ) .
قوله تعالى : (
ويرسل عليكم ) : يحتمل أربعة أوجه : أحدها : أن يكون مستأنفا . والثاني : أن يكون معطوفا على قوله " يتوفاكم " وما بعده من الأفعال المضارعة .
والثالث : أن يكون معطوفا على القاهر ؛ لأن اسم الفاعل في معنى يفعل ، وهو نظير قولهم : الطائر الذباب فيغضب زيد . والرابع : أن يكون التقدير : وهو يرسل ، وتكون الجملة حالا ، إما من الضمير في القاهر ، أو من الضمير في الظرف ، وعليكم فيه وجهان : أحدهما : هو متعلق بيرسل . والثاني : أن يكون في نية التأخير ، وفيه وجهان : أحدهما : أن يتعلق بنفس " حفظة " والمفعول محذوف ؛ أي : يرسل من يحفظ عليكم أعمالكم .
والثاني : أن يكون صفة لحفظة قدمت فصار حالا .
( توفته ) : يقرأ بالتاء على تأنيث الجماعة ، وبألف ممالة على إرادة الجمع .
ويقرأ شاذا : " تتوفاه " على الاستقبال . ( يفرطون ) : بالتشديد ؛ أي : ينقصون مما أمروا .
ويقرأ شاذا بالتخفيف ؛ أي : يزيدون على ما أمروا .
قال تعالى : (
ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) ( 62 ) .
[ ص: 375 ] قوله تعالى : (
ثم ردوا ) : الجمهور على ضم الراء وكسر الدال الأولى محذوفة ؛ ليصلح الإدغام ، ويقرأ بكسر الراء على نقل كسرة الدال الأولى إلى الراء .
(
مولاهم الحق ) : صفتان ، وقرئ الحق بالنصب على أنه صفة مصدر محذوف ؛ أي : الرد الحق ، أو على إضمار أعني .
قال تعالى : (
قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين ) ( 63 ) .
قوله تعالى : ( ينجيكم ) : يقرأ بالتشديد والتخفيف ، والماضي أنجا ونجى ، والهمزة والتشديد للتعدية .
( تدعونه ) : في موضع الحال من ضمير المفعول في " ينجيكم " .
( تضرعا ) : مصدر ، والعامل فيه تدعون من غير لفظه ، بل معناه .
ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ، وكذلك " خفية " .
ويقرأ بضم الخاء وكسرها ، وهما لغتان .
[ ص: 376 ] وقرئ " وخيفة " ، من الخوف ، وهو مثل قوله تعالى : (
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) [ الأعراف : 205 ] . (
لئن أنجيتنا ) : على الخطاب ؛ أي : يقولون : لئن أنجيتنا .
ويقرأ (
لئن أنجانا ) على الغيبة ، وهو موافق لقوله يدعونه .
( من هذه ) : أي من هذه الظلمة والكربة .
قال تعالى : (
قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون ) ( 65 ) .
قوله تعالى : (
من فوقكم ) : يجوز أن يكون وصفا للعذاب ، وأن يتعلق بيبعث ، وكذلك (
من تحت ) . (
أو يلبسكم ) : الجمهور على فتح الياء ؛ أي : يلبس عليكم أموركم ، فحذف حرف الجر والمفعول ، والجيد أن يكون التقدير : يلبس أموركم ، فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه .
ويقرأ بضم الياء ؛ أي : يعمكم بالاختلاف .
و ( شيعا ) : جمع شيعة ، وهو حال .
وقيل : هو مصدر ، والعامل فيه " يلبسكم " من غير لفظه .
ويجوز على أن يكون حالا أيضا ؛ أي : مختلفين .
قال تعالى : (
وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل ) ( 66 ) .
قوله تعالى : (
لست عليكم ) : على متعلق بـ " وكيل " .
ويجوز على هذا أن يكون حالا من " وكيل " على قول من أجاز تقديم الحال على حرف الجر .
قال تعالى : (
لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ) ( 67 ) .
قوله تعالى : ( مستقر ) : مبتدأ ، والخبر الظرف قبله ، أو فاعل ، والعامل فيه الظرف ، وهو مصدر بمعنى الاستقرار ، ويجوز أن يكون بمعنى المكان .
قال تعالى : (
وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) ( 68 ) .
قوله تعالى : ( غيره ) : إنما ذكر الهاء ؛ لأنه أعادها على معنى الآيات ؛ لأنها حديث
[ ص: 377 ] وقرآن ( ينسينك ) : يقرأ بالتخفيف والتشديد ، وماضيه نسي وأنسى ، والهمزة والتشديد لتعدية الفعل إلى المفعول الثاني ، وهو محذوف ؛ أي : ينسينك الذكر أو الحق .