صفحة جزء
قال تعالى : ( قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ) ( 104 ) .

قوله تعالى : ( قد جاءكم بصائر ) : لم يلحق الفعل تاء التأنيث ؛ للفصل بين المفعول ، ولأن تأنيث الفاعل غير حقيقي .

و ( من ) : متعلقة بجاء ، ويجوز أن تكون صفة للبصائر ، فتتعلق بمحذوف .

[ ص: 394 ] ( فمن أبصر ) : من مبتدأ ، فيجوز أن تكون شرطا ، فيكون الخبر أبصر ، وجواب من " فعليها " .

ويجوز أن تكون بمعنى الذي ، وما بعد الفاء الخبر ، والمبتدأ فيه محذوف ، تقديره : فإبصاره لنفسه ، وكذلك قوله : " ومن عمي فعليها " .

قال تعالى : ( وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون ) ( 105 ) .

قوله تعالى : ( وكذلك ) : الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ؛ أي : " نصرف الآيات " تصريفا مثل ما تلوناها عليك . ( وليقولوا ) : أي : وليقولوا درست صرفنا ؛ واللام لام العاقبة ؛ أي : إن أمرهم يصير إلى هذا . وقيل : إنه قصد بالتصريف أن يقولوا " درست " عقوبة لهم .

( دارست ) : يقرأ بالألف وفتح التاء ؛ أي : دارست أهل الكتاب .

ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف ؛ أي : درست الكتب المتقدمة .

ويقرأ كذلك إلا أنه بالتشديد ، والمعنى كالمعنى الأول . ويقرأ بضم الدال مشددا على ما لم يسم فاعله .

ويقرأ : " دورست " بالتخفيف والواو على ما لم يسم فاعله ، والواو مبدلة من الألف في دارست ، ويقرأ بفتح الدال والراء والسين وسكون التاء ؛ أي : انقطعت الآيات وانمحت .

ويقرأ كذلك إلا أنه على ما لم يسم فاعله . ويقرأ درس من غير تاء ، والفاعل النبي ، وقيل : الكتاب لقوله : " ولنبينه " .

قال تعالى : ( اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ) ( 106 ) .

قوله تعالى : ( من ربك ) : يجوز أن تكون متعلقة بأوحي ، وأن تكون حالا من الضمير المفعول المرفوع في أوحي ، وأن تكون حالا من " ما " .

( لا إله إلا هو ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من ربك ؛ أي : من ربك منفردا ، وهي حال مؤكدة .

[ ص: 395 ] قال تعالى : ( ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ) ( 107 ) .

قوله تعالى : ( ولو شاء الله ) : المفعول محذوف ؛ أي : ولو شاء الله إيمانهم .

و ( جعلناك ) : متعدية إلى مفعولين ، و ( حفيظا ) : الثاني . و ( عليهم ) : يتعلق بحفيظا ، ومفعوله محذوف ؛ أي : وما صيرناك تحفظ عليهم أعمالهم ، وهذا يؤكد قول سيبويه في إعمال فعيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية