قال تعالى : (
ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون ) ( 113 ) .
قوله تعالى : (
ولتصغى ) : الجمهور على كسر اللام ، وهو معطوف على " غرورا " ؛ أي : ليغروا ولتصغى .
[ ص: 398 ] وقيل : هي لام القسم كسرت لما لم يؤكد الفعل بالنون .
وقرئ بإسكان اللام ، وهي مخففة لتوالي الحركات ، وليست لام الأمر ؛ لأنه لم يجزم الفعل ، وكذلك القول في : " وليرضوه وليقترفوا " .
و " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف ؛ أي : وليقترفوا الذي هم مقترفوه ، وأثبت النون لما حذف الهاء .
قال تعالى : (
أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ) ( 114 ) .
قوله تعالى : (
أفغير الله ) : فيه وجهان : أحدهما : هو مفعول أبتغي ، و " حكما " حال منه .
والثاني : أن حكما مفعول أبتغي ، و " غير " حال من حكما مقدم عليه .
وقيل : حكما تمييز . و (
مفصلا ) : حال من الكتاب . و ( بالحق ) : حال من الضمير المرفوع في " منزل " .
قال تعالى : (
وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ) ( 115 ) .
قوله تعالى : (
صدقا وعدلا ) : منصوبان على التمييز ، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله ، وأن يكون مصدرا في موضع الحال .
(
لا مبدل ) : مستأنف ، ولا يجوز أن يكون حالا من ربك ؛ لئلا يفصل بين الحال وصاحبها بالأجنبي ، وهو قوله : " صدقا وعدلا " ، إلا أن يجعل " صدقا وعدلا " حالين من ربك لا من الكلمات .
قال تعالى : (
إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) ( 117 ) .
قوله تعالى : (
أعلم من يضل ) في " من " وجهان : أحدهما : هي بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، بمعنى فريق ؛ فعلى هذا يكون في موضع نصب بفعل دل عليه " أعلم " لا بنفس " أعلم " ؛ لأن أفعل لا يعمل في الاسم الظاهر النصب ، والتقدير : يعلم من يضل ، ولا يجوز أن يكون " من " في موضع جر بالإضافة على قراءة من فتح الياء ؛ لئلا يصير التقدير : هو أعلم الضالين ؛ فيلزم أن يكون سبحانه ضالا ، تعالى عن ذلك .
[ ص: 399 ] ومن قرأ بضم الياء فمن في موضع نصب أيضا على ما بينا ؛ أي : يعلم المضلين ، ويجوز أن يكون في موضع جر ، إما على معنى هو أعلم المضلين ؛ أي : من يجد الضلال ، وهو من أضللته ؛ أي : وجدته ضالا ، مثل : أحمدته ، وجدته محمودا ، أو بمعنى أنه يضل عن الهدى . والوجه الثاني : أن " من " استفهام في موضع مبتدأ ، و " يضل " الخبر ، وموضع الجملة نصب بـ " يعلم " المقدرة ، ومثله : (
لنعلم أي الحزبين أحصى ) [ الكهف : 12 ] .
قال تعالى : (
وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين ) ( 119 ) .
قوله تعالى : (
وما لكم ) : " ما " استفهام في موضع رفع بالابتداء ، و " لكم " الخبر .
و (
ألا تأكلوا ) : فيه وجهان : أحدهما : حرف الجر مراد معه ؛ أي : في أن لا تأكلوا ، ولما حذف حرف الجر كان في موضع نصب ، أو في موضع جر على اختلافهم في ذلك . وقد ذكر في غير موضع .
والثاني : أنه في موضع الحال ؛ أي : وأي شيء لكم تاركين الأكل ، وهو ضعيف ؛ لأن " أن " تمحض الفعل للاستقبال ، وتجعله مصدرا ، فيمتنع الحال إلا أن تقدر حذف مضاف تقديره : وما لكم ذوي أن لا تأكلوا . والمفعول محذوف ؛ أي : شيئا مما ذكر اسم الله عليه .
(
وقد فصل ) : الجملة حال ؛ ويقرأ بالضم على ما لم يسم فاعله ، وبالفتح على تسمية الفاعل ، وبتشديد الصاد وتخفيفها ، وكل ذلك ظاهر .
(
إلا ما اضطررتم ) : " ما " في موضع نصب على الاستثناء من الجنس من طريق المعنى ؛ لأنه وبخهم بترك الأكل مما سمي عليه ، وذلك يتضمن إباحة الأكل مطلقا ، وقوله : " وقد فصل لكم ما حرم عليكم " ؛ أي : في حال الاختيار ، وذلك حلال في حال الاضطرار .
قال تعالى : (
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) ( 121 ) .
[ ص: 400 ] قوله تعالى : (
إنكم لمشركون ) : حذف الفاء من جواب الشرط ، وهو حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضي ، وهو هنا كذلك ، وهو قوله : " وإن أطعتموهم " .