قال تعالى : (
وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون ) ( 57 ) .
قوله تعالى : (
بشرا ) : يقرأ بالنون والشين مضمومتين ، وهو جمع ، وفي واحده وجهان : أحدهما : نشور ، مثل صبور وصبر ، فعلى هذا يجوز أن يكون فعول بمعنى فاعل ؛ أي : ينشر الأرض ، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول كركوب بمعنى مركوب ؛ أي : منشورة
[ ص: 429 ] بعد الطي ، أو منشرة ؛ أي : محياة من قولك ؛ أنشر الله الميت فهو منشر . ويجوز أن يكون جمع ناشر ، مثل نازل ونزل ، ويقرأ بضم النون ، وإسكان الشين على تخفيف المضموم ، ويقرأ : نشرا بفتح النون ، وإسكان الشين ، وهو مصدر نشر بعد الطي ، أو من قولك أنشر الله الميت فنشر ؛ أي : عاش ونصبه على الحال ؛ أي : ناشرة أو ذات نشر ، كما تقول جاء ركضا ؛ أي : راكضا . ويقرأ " بشرا " بالباء وضمتين ، وهو جمع بشير ، مثل قليب وقلب ، ويقرأ كذلك إلا أنه بسكون الشين على التخفيف ، ومثله في المعنى (
يرسل الرياح مبشرات ) [ الروم : 46 ] . ويقرأ " بشرى " مثل حبلى ؛ أي : ذات بشارة ، ويقرأ : " بشرا " بفتح الباء وسكون الشين ، وهو مصدر بشرته إذا بشرته . (
سحابا ) : جمع سحابة ، وكذلك وصفها بالجمع . (
لبلد ) : أي : لإحياء بلد . (
به الماء ) : الهاء ضمير الباء ، أو ضمير السحاب ، أو ضمير الريح ، وكذلك الهاء في " به " الثانية .
قال تعالى : (
والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون ) ( 58 ) .
قوله تعالى : (
يخرج نباته ) : يقرأ بفتح الياء وضم الراء ورفع النبات ، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الياء على ما لم يسم فاعله ، ويقرأ بضم الياء ، وكسر الراء ، ونصب النبات ؛ أي : فيخرج الله ، أو الماء : بإذن ربه متعلق بيخرج . (
إلا نكدا ) : بفتح النون وكسر الكاف ، وهو حال . ويقرأ بفتحهما على أنه مصدر ؛ أي : ذا نكد ، ويقرأ بفتح النون وسكون الكاف وهو مصدر أيضا ، وهو لغة ، ويقرأ " يخرج " بضم الياء ، وكسر الراء ، ونكدا مفعوله .
قال تعالى : (
لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) ( 59 ) .
قوله تعالى : (
ما لكم من إله غيره ) : " من " زائدة ، و " إله " مبتدأ ، و " لكم " الخبر .
وقيل : الخبر محذوف ؛ أي : ما لكم من إله في الوجود ، و " لكم " تخصيص وتبيين . و " غيره " بالرفع فيه وجهان : أحدهما : هو صفة " لإله " على الموضع . والثاني : هو
[ ص: 430 ] بدل من الموضع ، مثل : لا إله إلا الله . ويقرأ بالنصب على الاستثناء ، وبالجر صفة على اللفظ . (
عذاب يوم عظيم ) : وصف اليوم بالعظم ، والمراد عظم ما فيه .
قال تعالى : (
قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين ) ( 60 ) .
قوله تعالى : (
من قومه ) : حال من الملأ ، و ( نراك ) : من رؤية العين ، فيكون (
في ضلال ) : حالا . ويجوز أن تكون من رؤية القلب فيكون مفعولا ثانيا .
قال تعالى : (
قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين ( 61 )
أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون ) ( 62 ) .
قوله تعالى : (
أبلغكم ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون صفة لرسول على المعنى ؛ لأن الرسول هو الضمير في " لكني " ، ولو كان يبلغكم لجاز ؛ لأنه يعود على لفظ رسول ، ويجوز أن يكون حالا ، والعامل فيه الجار من قوله : (
من رب ) ، (
وأعلم من الله ) : بمعنى أعرف ، فيتعدى إلى مفعول واحد ، وهو " ما " وهي بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، ومن الله فيه وجهان : أحدهما : هو متعلق بأعلم ؛ أي : ابتداء علمي من عند الله . والثاني : أن يكون حالا من " ما " أو من العائد المحذوف .