قال تعالى : (
وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ( 63 ) ) .
قوله تعالى : (
فوقكم ) : ظرف لرفعنا . ويضعف أن يكون حالا من الطور ; لأن التقدير يصير رفعنا الطور عاليا ، وقد استفيد هذا من رفعنا ، ولأن الجبل لم يكن فوقهم وقت الرفع ، وإنما صار فوقهم بالرفع . (
خذوا ما آتيناكم ) : التقدير : وقلنا خذوا ، ويجوز أن يكون القول المحذوف حالا ، والتقدير : رفعنا فوقكم الطور قائلين خذوا .
[ ص: 63 ] (
بقوة ) : في موضع نصب على الحال المقدرة ، والتقدير : خذوا الذي آتيناكموه عازمين على الجد في العمل به ; وصاحب الحال الواو في خذوا
ويجوز أن يكون حالا من الضمير المحذوف ، والتقدير : خذوا ما آتيناكموه ، وفيه الشدة والتشدد في الوصية بالعمل به .
قال تعالى : (
ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ( 64 ) ) .
قوله تعالى : (
فلولا ) : هي مركبة من لو ولا ، ولو قبل التركيب يمتنع بها الشيء لامتناع غيره ، ولا للنفي والامتناع نفي في المعنى ، فقد دخل النفي بلا على أحد امتناعي لو ، والامتناع نفي في المعنى ، والنفي إذا دخل على النفي صار إيجابا ، فمن هنا صار معنى لولا هذه يمتنع بها الشيء لوجود غيره
و (
فضل الله ) : مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره ، لولا فضل الله حاضر ، ولزم حذف الخبر لقيام العلم به ، وطول الكلام بجواب لولا ، فإن وقعت أن بعد لولا ، ظهر الخبر ، كقوله تعالى : (
فلولا أنه كان من المسبحين ) فالخبر في اللفظ لأن
وذهب
الكوفيون إلى أن الاسم الواقع بعد لولا هذه فاعل لولا .
قال تعالى : (
ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ( 65 ) ) .
قوله : (
علمتم الذين اعتدوا ) : علمتم هاهنا بمعنى عرفتم ، فيتعدى إلى مفعول واحد . و (
منكم ) : في موضع نصب حالا من الذين اعتدوا ; أي المعتدين كائنين منكم . و (
في السبت ) : متعلق بـ (
اعتدوا ) ، وأصل السبت مصدر ، يقال سبت يسبت سبتا إذا قطع ، ثم سمى اليوم سبتا ، وقد يقال يوم السبت ، فيخرج مصدرا على أصله ، وقد قالوا : اليوم السبت ، فجعلوا اليوم خبرا عن السبت ، كما يقال اليوم القتال ، فعلى ما ذكرنا ، يكون في الكلام حذف تقديره في يوم السبت . (
خاسئين ) : الفعل منه خسأ إذا ذل ، فهو لازم مطاوع خسأته ، فاللازم منه والمتعدي بلفظ واحد ; مثل زاد الشيء وزدته ، وغاض الماء وغضته
وهو صفة لقردة ، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا من فاعل كان والعامل فيها كان .
[ ص: 64 ] قال تعالى : (
فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين ( 66 ) ) .
قوله تعالى : (
فجعلناها ) : الضمير للعقوبة أو المسخة أو الأمة . و (
نكالا ) : مفعول ثان
قال تعالى : (
وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ( 67 ) ) .
قوله تعالى : (
يأمركم ) : الجمهور على ضم الراء ، وقرئ بإسكانها ; لأن الكاف متحركة وقبل الراء حركة ، فسكنوا الأوسط تشبيها له بعضد ، وأجروا المنفصل مجرى المتصل ، ومنهم من يختلس ولا يسكن ، والجيد همزه .
وقرئ بالألف على إبدال الهمزة ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها ، ومثله الراس والباس . (
أن تذبحوا ) : في موضع نصب على تقدير إسقاط حرف الجر ، وتقديره بأن تذبحوا ، وعلى قول
الخليل هو في موضع جر بالباء .
ويجوز أن يقول
الخليل هو هنا في موضع نصب ، فتعدى أمرت بنفسه كما قال : أمرتك الخير فافعل . (
هزوا ) : مصدر ، وفيه ثلاث لغات : الهمز وضم الزاي ، والهمز وسكون الزاي ، وقلب الهمزة واوا مع ضم الزاي ، وربما سكنت الزاي أيضا .
وهو مفعول ثان لاتخذ ، وفيه مضاف محذوف تقديره : أتتخذنا ذوي هزؤ .
ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى المفعول ، تقديره : مهزوءا بهم .
وجواب الاستفهام معنى : " أعوذ بالله أن أكون " لأن المعنى أن الهازئ جاهل ; كأنه قال لا أهزأ .