قال تعالى : (
قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ( 92 )
ألا تتبعني أفعصيت أمري ( 93 )
قال ياابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ( 94 ) ) .
قوله تعالى : ( أن لا تتبعن ) : لا زائدة ، مثل قوله : ( ما منعك أن لا تسجد ) [ الأعراف : 12 ] وقد ذكر .
[ ص: 192 ] و (
ياابن أم ) : قد ذكر في الأعراف .
(
لا تأخذ بلحيتي ) : المعنى لا تأخذني بلحيتي ; فلذلك دخلت الباء ، وفتح اللام لغة ، وقد قرئ بهما .
قال تعالى : (
قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ( 96 ) ) .
قوله تعالى : (
بصرت بما لم يبصروا ) : يتعدى بحرف جر ; فإن جئت بالهمز تعدى بنفسه ; كفرح ، وأفرحته . ويبصروا بالياء على الغيبة ، يعني قوم
موسى . وبالتاء على الخطاب ، والمخاطب
موسى وحده ; ولكن جمع الضمير ; لأن قومه تبع له .
وقرئ بصرت بكسر الصاد ، وتبصروا بفتحها ; وهي لغة .
( قبضت ) بالضاد بملء الكف ، وبالصاد بأطراف الأصابع ، وقد قرئ به .
و ( قبضة ) : مصدر بالضاد والصاد ; ويجوز أن تكون بمعنى المقبوض ، فتكون مفعولا به .
ويقرأ قبضة بضم القاف ; وهي بمعنى المقبوض .
قال تعالى : (
قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا ( 97 ) ) .
قوله تعالى : (
لا مساس ) : يقرأ بكسر الميم وفتح السين ، وهو مصدر ماسه ; أي لا أمسك ولا تمسني .
ويقرأ بفتح الميم وكسر السين وهو اسم للفعل ; أي لا تمسني . وقيل : هو اسم للخبر ; أي لا يكون بيننا مماسة .
(
لن تخلفه ) : بضم التاء وكسر اللام ; أي لا تجده مخلفا ، مثل أحمدته وأحببته .
[ ص: 193 ] وقيل : المعنى سيصل إليك ; فكأنه يفي به .
ويقرأ بضم التاء وفتح اللام ، على ما لم يسم فاعله .
ويقرأ بالنون وكسر اللام ; أي لن نخلفكه ، فحذف المفعول الأول .
قوله تعالى : (
ظلت ) : يقرأ بفتح الظاء وكسرها ، وهما لغتان ; والأصل ظللت بكسر اللام الأولى ، فحذفت ونقلت كسرتها إلى الظاء . ومن فتح لم ينقل .
( لنحرقنه ) : بالتشديد ; من تحريق النار . وقيل : هو من : حرق ناب البعير ; إذا وقع بعضه على بعض ، والمعنى لنبردنه ، وشدد للتكثير .
ويقرأ بضم الراء والتخفيف ، وهي لغة في حرق ناب البعير .
( لننسفنه ) - بكسر السين وضمها ; وهما لغتان قد قرئ بهما .
قال تعالى : (
إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما ( 98 )
كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا ( 99 ) ) .
قوله تعالى : (
وسع ) : يقرأ بكسر السين والتخفيف .
وعلما تمييز ; أي وسع علمه كل شيء .
ويقرأ بالتشديد والفتح وهو يتعدى إلى مفعولين والمعنى : أعطى كل شيء علما .
وفيه وجه آخر ; وهو أن يكون بمعنى عظم خلق كل شيء عظيم ، كالأرض والسماء ، وهو بمعنى بسط ; فيكون علما تمييزا .
( كذلك ) : صفة لمصدر محذوف ; أي قصصا كذلك ; أي نقص نبأ من أنباء .
قال تعالى : (
خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا ( 101 ) ) .
قوله تعالى : (
خالدين ) : حال من الضمير في " يحمل " وحمل الضمير الأول على لفظ " من " فوحد ، و " خالدين " على المعنى فجمع .
و ( حملا ) : تمييز لاسم " ساء " ، و " ساء " مثل : بئس ; والتقدير : وساء الحمل حملا ، ولا ينبغي أن يكون التقدير : وساء الوزر ; لأن المميز ينبغي أن يكون من لفظ اسم بئس .