سورة الفتح .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : (
ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما ( 5 )
ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ( 6 ) ) .
قوله تعالى : (
عند الله ) : هو حال من الفوز ؛ لأنه صفة له في الأصل ، قدم فصار حالا . ويجوز أن يكون ظرفا لمكان الفوز ؛ ولا يجوز أن يكون ظرفا للفوز ؛ لأنه مصدر . و ( الظانين ) : صفة للفريقين .
قال تعالى : (
لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا ( 9 ) ) .
قوله تعالى : (
لتؤمنوا ) : بالتاء على الخطاب ؛ لأن المعنى : أرسلناه إليكم .
وبالياء لأن قبله غيبا .
قال تعالى : (
إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ( 10 ) ) .
قوله تعالى : (
إنما يبايعون الله ) : هو خبر إن . و (
يد الله ) : مبتدأ . وما بعده الخبر ، والجملة خبر آخر لإن ، أو حال من ضمير الفاعل في " يبايعون " أو مستأنف .
[ ص: 409 ] قال تعالى : (
سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ( 15 ) ) .
قوله تعالى : (
يريدون ) : هو حال من ضمير المفعول في " ذرونا " .
ويجوز أن يكون حالا من " المخلفون " وأن يستأنف . و (
كلام الله ) بالألف . ويقرأ : " كلم الله " والمعنى متقارب .
قال تعالى : (
قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ( 16 ) ) .
قوله تعالى : (
تقاتلونهم ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا مقدرة .
(
أو يسلمون ) : معطوف على " تقاتلونهم " . وفي بعض القراءات " أو يسلموا " وموضعه نصب . و " أو " بمعنى " إلى أن " ، أو حتى .
قال تعالى : (
لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ( 18 )
ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما ( 19 ) ) .
قوله تعالى : (
ومغانم ) : أي وأثابهم مغانم ، أو أثابكم مغانم ؛ لأنه يقرأ : " تأخذونها " بالتاء والياء .
قال تعالى : (
وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا ( 21 )
ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ( 22 )
سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ( 23 ) ) .
قوله تعالى : (
وأخرى ) : أي ووعدكم أخرى ، وأثابكم أخرى .
ويجوز أن يكون مبتدأ . و " لم تقدروا " صفته ، و " قد أحاط " : الخبر .
ويجوز أن تكون " هذه " صفة ، والخبر محذوف ؛ أي وثم أخرى . و (
سنة الله ) : قد ذكر في سبحان .
[ ص: 410 ] قال تعالى : (
هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ( 25 ) ) .
قوله تعالى : (
والهدي ) : هو معطوف ؛ أي وصدوا الهدي . و (
معكوفا ) : حال من الهدي . و (
أن يبلغ ) : على تقدير : من أن يبلغ ، أو عن أن يبلغ .
ويجوز أن يكون بدلا من الهدي بدل الاشتمال ؛ أي صدوا بلوغ الهدي .
قوله تعالى : ( أن تطؤهم ) : هو في موضع رفع بدلا من " رجال " بدل الاشتمال ؛ أي وطء رجال بالقتل .
ويجوز أن يكون بدلا من ضمير المفعول في " تعلموهم " أي لم تعلموهم وطأهم ؛ فهو اشتمال أيضا ، ولم تعلموهم صفة لما قبله . (
فتصيبكم ) : معطوف على " تطؤوا " . و " بغير علم " : حال من الضمير المجرور ، أو صفة لمعرة .
( لعذبنا ) : جواب لو تزيلوا ، وجواب لولا محذوف أغنى عنه جواب لو .
قيل : هو جوابهما جميعا .
وقيل : هو جواب الأول . وجواب الثاني محذوف .
قال تعالى : (
إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما ( 26 ) ) .
قوله تعالى : (
حمية الجاهلية ) : هو بدل ؛ وحسن لما أضيف إلى ما حصل معنى ، فهو كصفة النكرة المبدلة . و (
كلمة التقوى ) : أي العمل ، أو النطق ، أو الاعتقاد ، فحذف لفهم المعنى .
قال تعالى : (
لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ( 27 ) ) .
قوله تعالى : (
بالحق ) : يجوز أن يتعلق بصدق ، وأن يكون حالا من الرؤيا .
(
لتدخلن ) : هو تفسير الرؤيا . أو مستأنف ؛ أي والله لتدخلن . و ( آمنين ) : حال ، والشرط معترض مسدد . و ( محلقين ) : حال أخرى ، أو من الضمير في آمنين . ( لا تخافون ) : يجوز أن يكون حالا مؤكدة ، وأن يكون مستأنفا ؛ أي لا تخافون أبدا .
قال تعالى : (
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ( 28 ) ) .
[ ص: 411 ] قوله تعالى : (
بالهدى ) : هو حال ، أي أرسله هاديا .
قال تعالى : (
محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ( 29 ) ) .
قوله تعالى : (
محمد ) : هو مبتدأ . وفي الخبر وجهان : أحدهما : " رسول الله " فيتم الوقف إلا أن تجعل " الذين " في موضع جر عطفا على اسم الله ؛ أي ورسول الذين ، وعلى هذا يكون " أشداء " أي هم أشداء .
والوجه الثاني : أن يكون " رسول الله " صفة ، و " الذين " معطوف على المبتدأ ، و " أشداء " الخبر . و (
رحماء ) : خبر ثان ، وكذلك " تراهم " و " يبتغون " ويجوز أن يكون " تراهم " مستأنفا .
ويقرأ ( أشداء ) ، و ( رحماء ) بالنصب على الحال من الضمير المرفوع في الظرف ، وهو " معه " وسجدا : حال ثانية ، أو حال من الضمير في " ركعا " مقدرة .
ويجوز أن يكون " يبتغون " حالا ثالثة .
قوله تعالى : (
سيماهم ) : هو فعل من سام يسوم ، وهو بمعنى العلامة من قوله تعالى : (
مسومين ) [ آل عمران : 125 ] و (
في وجوههم ) : خبر المبتدأ ، و " من أثر السجود " : حال من الضمير في الجار .
قوله تعالى : (
ومثلهم في الإنجيل ) : إن شئت عطفته على المثل الأول ؛ أي هذه صفاتهم في الكتابين ؛ فعلى هذا تكون الكاف في موضع رفع ؛ أي هم كزرع ؛ أو في موضع نصب على الحال ؛ أي مماثلين ؛ أو نعتا لمصدر محذوف ؛ أي تمثيلا كزرع .
و (
شطأه ) بالهمز ، وبغير همز ولا ألف ؛ ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الطاء وحذفها . ويقرأ بالألف على الإبدال ، وبالمد والهمز ، وهي لغة .
و (
على سوقه ) : يجوز أن يكون حالا ؛ أي قائما على سوقه ، وأن يكون ظرفا .
و (
يعجب ) : حال . و ( منهم ) : لبيان الجنس تفضيلا لهم بتخصيصهم بالذكر ، والله أعلم .