صفحة جزء
قال تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ( 5 ) ) قوله تعالى : ( إياك ) الجمهور على كسرة الهمزة وتشديد الياء .

[ ص: 13 ] وقرئ شاذا بفتح الهمزة . والأشبه أن يكون لغة مسموعة .

وقرئ بكسر الهمزة وتخفيف الياء . والوجه فيه أنه حذف إحدى الياءين ; لاستثقال التكرير في حرف العلة وقد جاء ذلك في الشعر قال الفرزدق : تنظرت نصرا والسماكين أيهما علي مع الغيث استهلت مواطره .

وقالوا في أما : أيما ، فقلبوا الميم ياء كراهية التضعيف ، وإيا عند الخليل وسيبويه اسم مضمر ; فأما الكاف فحرف خطاب عند سيبويه لا موضع لها ، ولا تكون اسما ; لأنها لو كانت اسما لكانت إيا مضافة إليها ، والمضمرات لا تضاف ، وعند الخليل هي اسم مضمر أضيفت إيا إليه ; لأن إيا تشبه المظهر لتقدمها على الفعل والفاعل ، ولطولها بكثرة حروفها ، وحكي عن العرب : إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب .

وقال الكوفيون : إياك بكمالها ، وهذا بعيد ; لأن هذا الاسم يختلف آخره بحسب اختلاف المتكلم والمخاطب والغائب ، فيقال إياي وإياك وإياه .

وقال قوم : الكاف اسم ، وإيا عماد له وهو حرف وموضع إياك نصب بـ ( نعبد ) .

فإن قيل إياك خطاب ، والحمد لله على لفظ الغيبة ، فكان الأشبه أن يكون إياه .

قيل : عادة العرب الرجوع من الغيبة إلى الخطاب ، ومن الخطاب إلى الغيبة ، وسيمر بك من ذلك مقدار صالح في القرآن .

قوله تعالى : ( نستعين ) الجمهور على فتح النون . وقرئ بكسرها وهي لغة ; وأصله نستعون ; نستفعل من العون ; فاستثقلت الكسرة على الواو ، فنقلت إلى العين ، ثم قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية