وأما
الهمزة المكسورة فتأتي أيضا متفقا عليه بالاستفهام ومختلفا فيه ، فالضرب الأول المتفق عليه سبع كلم في ثلاثة عشر موضعا ، وهي ( أينكم ) في الأنعام والنمل وفصلت و ( أين لنا لأجرا ) في الشعراء و ( أإله ) في خمسة
[ ص: 370 ] مواضع : النمل و ( أينا لتاركوا ، وأينك لمن ، وأيفكا ) ثلاثتها في الصافات و ( أيذا متنا ) في ق .
واختلفوا في الثانية منهما وتحقيقها وإدخال ألف بينهما ، فسهلها بين بين - أي بين الهمزة والياء -
نافع ، 55
وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ،
ورويس ، وحققها
الكوفيون ،
وابن عامر وروح ، واختلف عن
رويس في حرف الأنعام ، وعن
هشام في حرف فصلت ، أما حرف الأنعام وهو ( أينكم لتشهدون ) فروى
أبو الطيب ، عن
رويس تحقيقه خلافا لأصله ، ونص
أبو العلاء في غايته على التخيير فيه له بين التسهيل والتحقيق : وأما حرف فصلت وهو ( أينكم لتكفرون ) فجمهور
المغاربة عن
هشام على التسهيل خلافا لأصله ، وممن نص له على التسهيل وجها واحدا صاحب " التيسير " ، و " الكافي " ، و " الهداية " ، و " التبصرة " ، و " تلخيص العبارات " ، وابنا غلبون ، وصاحب " المبهج " ، وصاحب " العنوان " ، وكل من روى تسهيله فصل بألف قبله كما سيأتي ، وجمهور
العراقيين عنه على التحقيق ، وممن نص عليه وجها واحدا على أصله ولم يذكر عنه فيه تسهيلا
ابن شيطا وابن سوار وابن فارس وأبو العز وأبو علي البغدادي ،
وابن الفحام والحافظ أبو العلاء ، ونص على الخلاف فيه خاصة
nindex.php?page=showalam&ids=14563أبو القاسم الشاطبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14650والصفراوي ، ومن قبلهما
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني في " جامع البيان " . وفصل بين الهمزتين بألف في جميع الباب
أبو عمرو وأبو جعفر وقالون ، واختلف عن
هشام ، فروى عنه الفصل في الجميع
الحلواني من طريق
ابن عبدان ، من طريق صاحب " التيسير " من قراءته على
أبي الفتح ، ومن طريق
أبي العز صاحب " الكفاية " ، ومن طريق
أبي عبد الله الجمال ، عن
الحلواني ، وهو الذي في " التجريد " عنه ، وهو المشهور عن
الحلواني عند جمهور
العراقيين كابن سوار وابن فارس وأبي علي البغدادي ،
وابن شيطا وغيرهم . وهي طريق
الشذائي عن
الداجوني كما هو في " المبهج " ، وغيره ، وعليه نص
الداني عن
الداجوني ، وبه قطع
الحافظ أبو العلاء ، من طريق
الحلواني والداجوني ، وهو أحد الوجهين في " الشاطبية " . وروى عنه القصر - وهو
[ ص: 371 ] ترك الفصل في الباب كله -
الداجوني عند جمهور
العراقيين وغيرهم ، كصاحب " المستنير " ، و " التذكار " ، و " الجامع " ، و " الروضة " ، و " التجريد " ، و " الكفاية الكبرى " ، وغيرهم ، وهو الصحيح من طريق
زيد عنه ، وهو الذي في " المبهج " من طريق
الجمال عن
الحلواني ، وذهب آخرون عن
هشام إلى التفصيل ، ففصلوا بالألف في سبعة مواضع وتركوا الفصل في الآخر ، ففصلوا مما تقدم في أربعة مواضع وهي ( أين لنا ) في الشعراء و ( أينك ، وأيفكا ) في الصافات و ( أينكم ) في فصلت ، وهو الذي في " الهداية " ، و " الهادي " ، و " الكافي " ، و " التلخيص " ، و " التبصرة " ، و " العنوان " ، وهو الوجه الثاني في " الشاطبية " ، وبه قرأ
الداني على
أبي الحسن ، وسيأتي بقية ما فصلوا فيه في الضرب الثاني . ومما يلحق بهذا الباب من المتفق عليه بالاستفهام قوله تعالى في العنكبوت : ( أئنكم لتأتون الرجال ) وفي الواقعة : ( أإن ذكرتم ) في يس . أجمعوا على قراءته بالاستفهام ، إلا أن
أبا جعفر ، قرأ بفتح الهمزة الثانية ، فيلحق بضرب الهمزة المفتوحة كما تقدم ، والباقون يكسرونها ، فيلحق عندهم بهذا الضرب ، وهم في هذه الثلاثة الأحرف على أصولهم المذكورة تحقيقا وتسهيلا وفصلا ، إلا أن أصحاب التفصيل عن
هشام يفصلون بين الهمزتين في حرفي العنكبوت والواقعة ، ولا يفصلون في حرف يس ، والله أعلم .
( والضرب الثاني )
المختلف فيه بين الاستفهام والخبر على قسمين : قسم مفرد تجيء الهمزتان فيه وليس بعدها مثلهما ، وقسم مكرر تجيء الهمزتان وبعدهما مثلهما .
فالقسم الأول خمسة أحرف : ( أينكم لتأتون الرجال ، أين لنا لأجرا ) وكلاهما في الأعراف ( أينك لأنت يوسف ) في يوسف ( أيذا ما مت ) في مريم ( أينا لمغرمون ) في الواقعة ، أما ( إنكم لتأتون ) في الأعراف ، فقرأه بهمزة واحدة على الخبر
نافع وأبو جعفر وحفص ، والباقون بهمزتين على الاستفهام وهم على
[ ص: 372 ] أصولهم المذكورة تسهيلا وتحقيقا وفصلا ، وأما ( أين لنا لأجرا ) فقرأه على الخبر
نافع وابن كثير وأبو جعفر وحفص ، والباقون على الاستفهام ، وهم على أصولهم ، وهما من المواضع السبعة اللاتي يفصل فيها عن
الحلواني عن
هشام أصحاب التفصيل ، وأما ( أينك لأنت يوسف ) فقرأه بهمزة واحدة على الخبر
ابن كثير وأبو جعفر ، والباقون بهمزتين على الاستفهام ، وهم على أصولهم ، وأما ( أيذا ما مت ) فاختلف فيه عن
ابن ذكوان ، فرواه عنه بهمزة واحدة على الخبر الصوري من جميع طرقه غير
الشذائي عنه ، وهو الذي عليه جمهور العراقيين من طريقه ،
وابن الأخرم عن
الأخفش عنه من طريق " التبصرة " ، و " الهداية " ، و " الهادي " ، و " تلخيص العبارات " ، و " الكافي " ،
وابن غلبون ، وجمهور المغاربة ، وبه قرأ
الداني على شيخه
أبي الفتح فارس وأبي الحسن طاهر ، ورواه عنه
النقاش ، عن
الأخفش عنه بهمزتين على الاستفهام ، وذلك من جميع طرقه من
المغاربة ، والمصريين ، والشاميين ، والعراقيين ، والشذائي عن
الصوري عنه ، وهو الذي في " التجريد " ، و " المبهج " ، و " الكامل " ، و غاية
ابن مهران ، والوجهان جميعا عنه في " الشاطبية " ، و " الإعلان " ، و " ظاهر التيسير " ، ونص عليهما في " المفردات " ، و " جامع البيان " ، وبالاستفهام قرأ
الداني على
عبد العزيز الفارسي ، وبذلك قرأ الباقون ، وهم على أصولهم تحقيقا وتسهيلا وفصلا . وهذا الحرف تتمة السبعة التي يفصل فيها
لهشام عن طريق
الحلواني أصحاب التفصيل ، وأما ( أينا لمغرمون ) فرواه بهمزتين على الاستفهام
أبو بكر ، وقرأه الباقون بهمزة على الخبر .
( والقسم الثاني ) وهو المكرر من الاستفهامين نحو ( أيذا ، أينا ) وجملته أحد عشر موضعا من تسع سور في الرعد ( أيذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد ) وفي الإسراء موضعان ( أيذا كنا عظاما ورفاتا أينا لمبعوثون ) وفي المؤمنين ( أيذا متنا وكنا ترابا وعظاما أينا لمبعوثون ) وفي النمل ( أيذا كنا ترابا وآباؤنا أينا لمخرجون ) وفي العنكبوت ( أينكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أينكم لتأتون الرجال )
[ ص: 373 ] وفي " الم السجدة " ( أيذا ضللنا في الأرض أينا لفي ) وفي الصافات موضعان ، الأول ( أيذا متنا وكنا ترابا وعظاما أينا لمدينون ) وفي الواقعة ( أيذا متنا وكنا ترابا وعظاما أينا لمبعوثون ) وفي النازعات ( أينا لمردودون في الحافرة أيذا كنا عظاما نخرة ) فتصير بحكم التكرير اثنين وعشرين حرفا . فاختلفوا في الإخبار بالأول منهما ، والاستفهام في الثاني ، وعكسه ، والاستفهام فيهما ، فقرأ
ابن عامر وأبو جعفر بالإخبار في الأول والاستفهام في الثاني من موضع الرعد ، وموضعي الإسراء ، وفي المؤمنون ، والسجدة ، والثاني من الصافات ، وقرأ
نافع nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ويعقوب في هذه المواضع الستة بالاستفهام في الأول ، والإخبار في الثاني ، وقرأ الباقون بالاستفهام فيهما ، وأما موضع النمل ، فقرأه
نافع وأبو جعفر بالإخبار في الأول والاستفهام في الثاني ، وقرأه
ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني مع زيادة نون فيه ، فيقولان ( أينا لمخرجون ) ، وقرأ الباقون بالاستفهام فيهما ، وانفرد سبط الخياط في " المبهج " عن
الكارزيني عن
النخاس ، عن
رويس بالإخبار في الأول والاستفهام في الثاني كقراءة
نافع وأبي جعفر ، فخالف سائر الرواة عن
رويس ، وأما موضع العنكبوت فقرأ
نافع وأبو جعفر وابن كثير ،
وابن عامر ،
ويعقوب وحفص بالإخبار في الأول ، وقرأ الباقون بالاستفهام ، وهم
أبو عمرو وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وخلف وأبو بكر ، وأجمعوا على الاستفهام في الثاني ، وأما الموضع الأول من الصافات فقرأه
ابن عامر بالإخبار في الأول والاستفهام في الثاني ، وقرأه
نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو جعفر ويعقوب بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني ، وقرأ الباقون بالاستفهام فيهما ، وأما موضع الواقعة فقرأه أيضا
نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو جعفر ،
ويعقوب بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني ، وقرأه الباقون بالاستفهام فيهما ، فلا خلاف عنهم في الاستفهام في الأول ، وأما موضع النازعات فقرأه
أبو جعفر بالإخبار في الأول
[ ص: 374 ] والاستفهام في الثاني ، وقرأه
نافع ،
وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
ويعقوب بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني ، وقرأه الباقون بالاستفهام فيهما . وكل من استفهم في حرف من هذه الاثنين والعشرين ، فإنه في ذلك على أصله من التحقيق والتسهيل وإدخال الألف ، إلا أن أكثر الطرق عن
هشام على الفصل بالألف في هذا الباب أعني الاستفهامين ، وبذلك قطع له صاحب " التيسير " ، و " الشاطبية " ، وسائر المغاربة وأكثر المشارقة ،
كابن شيطا وابن سوار وأبي العز ،
والهمداني ، وغيرهم ، وذهب آخرون إلى إجراء الخلاف عنه في ذلك كما هو مذهبه في سائر هذا الضرب ، منهم الأستاذ
أبو محمد سبط الخياط وأبو القاسم الهذلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14650والصفراوي وغيرهم ، وهو الظاهر قياسا ، والله أعلم .