( وأما الإثبات ) فهو على قسمين أحدهما إثبات ما حذف رسما ، والثاني إثبات ما حذف لفظا . فالذي ثبت من المحذوف رسما ينحصر في نوعين الأول ، وهو من الإلحاق كما تقدم في الباب قبله هاء السكت ، الثاني أحد حروف العلة
[ ص: 134 ] الواقعة قبل ساكن فحذفت لذلك . أما هاء السكت فتجيء في خمسة أصول مطردة ، وكلمات مخصوصة .
( الأصل الأول ) ما الاستفهامية المجرورة بحرف الجر . ووقعت في خمس كلمات
عم ، وفيم ، وبم ، و لم ، و مم فاختلفوا في
الوقف عليها بالهاء عن
يعقوب nindex.php?page=showalam&ids=13869والبزي . فأما
يعقوب فقطع له في الوقف بالهاء
أبو محمد سبط الخياط وأبو الفضل الرازي والشريف عن الشرف العباسي . وقطع له الجمهور
كأبي العز وابن غلبون والحافظ أبي العلاء وابن سوار nindex.php?page=showalam&ids=12111والداني بالهاء في الحرف الأول ، وهو
عم ، وقطع له الأكثرون بذلك في الحرف الثاني ، وهو : فيم نحو :
فيم كنتم ، و
فيم أنت ، وهو الذي في الإرشاد والمستنير . وزاد أيضا الحرف الثالث ، وهو : بم نحو
فبم تبشرون ، وقطع له
الداني بالهاء في الحرف الأخير ، وهو مم ، وقطع من قراءته على
أبي الفتح في لم وبم ، وفيم ، وقطع آخرون بذلك
لرويس خاصة في الأحرف الخمسة
كأبي بكر بن مهران ، وقطع
أبو العز بذلك
لرويس في الأحرف الثلاثة الأخيرة وجعل الحرفين الأولين
ليعقوب بكماله كما تقدم آنفا ، ولم يذكره عنه في الكامل ، ولا في الجامع ، ولا في كثير من الكتب .
( قلت ) : وبالوجهين آخذ
ليعقوب في الأحرف الخمسة لثبوتها عندي عنه من روايتيه . وأما
البزي فقطع له بالهاء في الأحرف الخمسة صاحب التيسير ، والتبصرة ، والتذكرة ، والكافي ، وتلخيص العبارات ، وغيرها . ولم يذكره أكثر المؤلفين ، وهو الذي عليه العراقيون . وانفرد في الهداية بالهاء عن
ابن كثير بكماله في ( عم ولم ) فقط . وأطلق
للبزي الخلاف في الخمسة
nindex.php?page=showalam&ids=14563أبو القاسم الشاطبي nindex.php?page=showalam&ids=12111والداني في غير التيسير وبالهاء قرأ على
أبي الحسن بن غلبون وبغير هاء قرأ على
أبي الفتح فارس بن أحمد وعبد العزيز بن جعفر الفارسي ، وهو من المواضع التي خرج صاحب التيسير ، فيها عن طرقه فإنه أسند رواية
البزي عن
الفارسي [ ص: 135 ] هذا ، وقطع فيه بالهاء عن
البزي ، ولم يقرأ بالهاء إلا على
ابن غلبون كما نص عليه في جامع البيان " وهاء السكت " مختارة في هذا الأصل عند علماء العربية عوضا عن الألف المحذوفة .
( الأصل الثاني ) هو ، وهي حيث وقعا وكيف جاءا نحو
وهو ولهو ، و
أن يمل هو ، فإنه هو ، و
لا إله إلا هو ونحو
ما هي ، و
لهي ،
وهي فوقف على ذلك بالهاء يعقوب من غير خلاف عنه .
( الأصل الثالث ) النون المشددة من جمع الإناث سواء اتصل به شيء . أو لم يتصل نحو
هن أطهر .
ولهن مثل الذي عليهن ، و
أن يضعن حملهن ،
ومن الأرض مثلهن ، و
بين أيديهن وأرجلهن فاختلف عن
يعقوب في الوقف على ذلك بالهاء فقطع في التذكرة بإثبات الهاء عن
يعقوب في ذلك كله ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13244أبو طاهر بن سوار ، وقطع به
nindex.php?page=showalam&ids=15024أبو العز القلانسي لرويس من طريق
القاضي وأطلقه في الكنز عن
رويس ، وقطع به
ابن مهران لروح . والوجهان ثابتان عن
يعقوب بهما قرأت ، وبهما آخذ ، وقد أطلقه بعضهم وأحسب أن الصواب تقييده بما كان بعد هاء كما مثلوا به ، ولم أجد أحدا مثل بغير ذلك فإن نص على غيره أحد يوثق به رجعنا إليه وإلا فالأمر كما ظهر لنا .
( الأصل الرابع ) المشدد المبني نحو
أن لا تعلوا على ، و
إلا ما يوحى إلي و
خلقت بيدي .
وما أنتم بمصرخي .
ما يبدل القول لدي اختلف فيه عن
يعقوب أيضا فنص على الوقف عليه بالهاء ليعقوب بكماله
أبو الحسن طاهر بن غلبون nindex.php?page=showalam&ids=12111والحافظ أبو عمرو الداني والأستاذ
nindex.php?page=showalam&ids=13244أبو طاهر بن سوار وأبو بكر بن مهران عن
روح وحده .
والأكثرون على حذف الهاء وقفا ، وكلاهما ثابت عن
يعقوب والظاهر أن ذلك مقيد بما كان بالياء كما مثلنا به ومثل به المثبتون فإن ثبت غير ذلك
[ ص: 136 ] أصير إليه - والله أعلم - .
وانفرد
الداني بالهاء في لكن وإن يعني المفتوحة والمكسورة وقياس ذلك كأن - والله أعلم - .
( الأصل الخامس ) النون المفتوحة نحو
العالمين ،
والذين ، و
المفلحون ، و
بمؤمنين ، فروى بعضهم عن
يعقوب الوقف على ذلك كله بالهاء ، وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13244أبو طاهر بن سوار ، وغيره ، ورواه
ابن مهران عن
رويس ، وهو لغة فاشية مطردة عند العرب ، ومقتضى تمثيل
ابن سوار إطلاقه في الأسماء والأفعال فإنه مثل بقوله
ينفقون ، وروى
ابن مهران عن
هبة الله عن
التمار تقييده بما لم يلتبس بهاء الكناية ومثله بقوله :
وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ،
وبما كنتم تدرسون . قال : ومذهب
أبي الحسن بن أبي بكر يعني شيخه
ابن مقسم أن هاء السكت لا تثبت في الأفعال .
( قلت ) : والصواب تقييده عند من أجازه كما نص عليه علماء العربية ، والجمهور على عدم إثبات الهاء عن
يعقوب في هذا الفصل ، وعليه العمل - والله أعلم - .
" وأما الكلمات المخصوصة " فهي أربع ( ويلتى ، و
أسفى ، و يا حسرتى ، و ثم الظرف ) فاختلف فيها عن
رويس فقطع
ابن مهران له بالهاء ، وكذلك صاحب الكنز ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15024أبو العز القلانسي عن
القاضي أبي العلاء عنه . ونص
الداني على ثم
ليعقوب بكماله ، ورواه الآخرون عنه بغير هاء كالباقين ، والوجهان صحيحان عن
رويس قرأت بهما ، وبهما آخذ ، وانفرد
الداني عن
يعقوب بالهاء في
هلم ، وانفرد
ابن مهران بالهاء في إياي وقياسه
مثواي ،
ومحياي ، وكذلك في أبي وقياسه أخي ، ولا يتأتى ذلك إلا مع فتح الياء ، وليست قراءة
يعقوب ، وروي عن
أبي الحسن بن أبي بكر المذكور تستفتيان بالهاء من الأفعال خاصة فخالف في ذلك سائر الرواة مع ضعفه - والله أعلم - .
وهاء السكت في هذا كله وما أشبهه جائزة عند علماء العربية سماعا وقياسا - والله أعلم - .