صفحة جزء
وبقي هنا تنبيهات : ( الأول ) : المراد بالقطع والسكت في هذه الأوجه كلها هو الوقف المعروف لا القطع الذي هو الإعراب ، ولا السكت الذي هو دون تنفس ، هذا هو الصواب كما قدمنا في باب البسملة . وكما صرح به أبو العباس المهدوي حيث قال في الهداية : ويجوز أن تقف على آخر السورة وتبدأ بالتكبير ، أو تقف على التكبير وتبدأ بالبسملة ، ولا ينبغي أن يقف على البسملة - ومكي في تبصرته بقوله : ولا يجوز الوقف على التكبير دون أن تصله بالبسملة - وأبو العز بقوله : واتفق الجماعة يعني رواة التكبير أنهم يقفون في آخر كل سورة ويبتدئون بالتكبير ، والحافظ أبو العلاء بقوله : وكلهم يسكت على خواتيم السور ، ثم يبتدئ بالتكبير غير الفحام عن رجاله فإنه خير بين الوقف على آخر السورة ، ثم الابتداء بالتكبير ، وعلم بذلك أنه أراد بالسكت المتقدم [ ص: 436 ] الوقف - وصاحب التجريد بقوله : وذكر الفارسي في روايته أنك تقف في آخر كل سورة وتبتدئ بالتكبير منفصلا من التسمية - وابن سوار ، بقوله : وصفته أن يقف ويبتدئ الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ، وصرح به أيضا غير واحد كابن شريح وسبط الخياط والداني والسخاوي وأبي شامة ، وغيرهم وزعم الجعبري أن المقصود بالقطع في قولهم هو السكت المعروف كما زعم ذلك في البسملة ، قال في شرح قول الشاطبي : فإن شئت فاقطع دونه . معنى قوله فإن شئت فاقطع أي فاسكت ، ولو قالها لأحسن إذ القطع عام فيه والوقف انتهى . وهو شيء انفرد به لم يوافقه أحد عليه ، ولعله توهم ذلك من قول بعض أهل الأداء كمكي والحافظ الداني حيث عبرا بالسكت عن الوقف فحسب أنه السكت المصطلح عليه ، ولم ينظر آخر كلامهم ، ولا ما صرحوا به عقيب ذلك أيضا ، فقد قدمنا في أول كتابنا هذا عند ذكر السكت أن المتقدمين إذا أطلقوا لا يريدون به إلا الوقف ، وإذا أرادوا به السكت المعروف قيدوه بما يصرفه إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية