وأما
صفات الحروف
فمنها المجهورة وضدها المهموسة ، والهمس من صفات الضعف ، كما أن الجهر من صفات القوة ، والمهموسة عشرة يجمعها قولك سكت فحثه شخص ، والهمس الصوت الخفي ، فإذا جرى مع الحرف النفس لضعف الاعتماد عليه كان مهموسا والصاد والخاء المعجمة أقوى مما عداهما ، وإذا منع الحرف النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد كان مجهورا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : إلا أن النون والميم قد يعتمد لهما في الفم والخياشيم فيصير فيهما غنة .
ومنها الحروف الرخوة وضدها الشديدة والمتوسطة فالشديدة وهي ثمانية : أجد قط بكت ، والشدة امتناع الصوت أن يجري في الحروف ، وهو من صفات القوة .
والمتوسطة بين الشدة والرخاوة خمسة يجمعها قولك : لن عمر ، وأضاف بعضهم إليها الياء والواو ، والمهموسة كلها غير التاء والكاف رخوة والمجهورة الرخوة خمسة : الغين ، والضاد ، والظاء ، والذال المعجمات ، والراء ، والمجهورة الشديدة ستة يجمعها قولك : طبق أجد .
ومنه
الحروف المستفلة وضدها المستعلية ، والاستعلاء من صفات القوة وهي سبعة يجمعها قولك : قظ خص ضغط . وهي حروف التفخيم على الصواب وأعلاها الطاء كما أن أسفل المستفلة الياء ، وقيل : حروف التفخيم هي
[ ص: 203 ] حروف الإطباق ، ولا شك أنها أقواها تفخيما ، وزاد مكي عليها الألف ، وهو وهم ، فإن الألف تتبع ما قبلها فلا توصف بترقيق ولا تفخيم والله أعلم .
( ومنها
الحروف المنفتحة ) وضدها : المنطبقة والمطبقة : والانطباق من صفات القوة وهي أربعة : الصاد ، والضاد ، والطاء ، والظاء .
(
وحروف الصفير ) ثلاثة : الصاد ، والسين ، والزاي وهي الحروف الأسلية المتقدمة .
(
وحروف القلقلة ) ويقال اللقلقة خمس يجمعها قولك : قطب جد ، وأضاف بعضهم إليها الهمزة لأنها مجهورة شديدة ، وإنما لم يذكرها الجمهور لما يدخلها من التخفيف حالة السكون ففارقت أخواتها ولما يعتريها من الإعلال وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه معها التاء مع أنها المهموسة وذكر لها نفخا ، وهو قوي في الاختبار ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد منها الكاف ، إلا أنه جعلها دون القاف . قال : وهذه القلقلة بعضها أشد من بعض ، وسميت هذه الحروف بذلك لأنها إذا سكنت ضعفت فاشتبهت بغيرها فيحتاج إلى ظهور صوت يشبه النبرة حال سكونهن في الوقت وغيره وإلى زيادة إتمام النطق بهن ، فذلك الصوت في سكونهن أبين منه في حركتهن ، وهو في الوقف أمكن ، وأصل هذه الحروف القاف ; لأنه لا يقدر أن يؤتى به ساكنا إلا مع صوت زائد لشدة استعلائه .
وذهب متأخرو أئمتنا إلى تخصيص القلقلة بالوقف تمسكا بظاهر ما رأوه من عبارة المتقدمين أن القلقة تظهر في هذه الحروف بالوقف ، فظنوا أن المراد بالوقف ضد الوصل وليس المراد سوى السكون ، فإن المتقدمين يطلقون الوقف على السكون ، وقوى الشبهة في ذلك كون القلقلة في الوقف العرفي أبين وحسبانهم أن القلقلة حركة وليس كذلك فقد قال
الخليل : القلقلة شدة الصياح ، واللقلقة شدة الصوت .
وقال الأستاذ
nindex.php?page=showalam&ids=16098أبو الحسن شريح بن الإمام أبي عبد الله محمد بن شريح - رحمه الله -
[ ص: 204 ] في كتابه " نهاية الإتقان في تجويد القرآن " لما ذكر أحرف القلقلة الخمسة فقال : وهي متوسطة كباء " الأبواب " ، وجيم "
النجدين " ، ودال " مددنا " ، وقاف "
خلقنا ، وطاء "
أطوارا " ، ومتطرفة كباء "
لم يتب " ، وجيم " لم يخرج " ، ودال "
لقد " ، وقاف " من يشاقق " وطاء " لا تشطط " ، فالقلقلة هنا أبين في الوقف في المتطرفة من المتوسطة انتهى . وهو عين ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ونص فيما قلناه والله أعلم .
وحروف المد هي الحروف الجوفية وهي الهوائية ، وتقدمت أولا وأمكنهن عند الجمهور الألف وأبعد
nindex.php?page=showalam&ids=12835ابن الفحام فقال : أمكنهن في المد الواو ، ثم الياء ، ثم الألف ، والجمهور على أن الفتحة من الألف والضمة من الواو والكسرة من الياء .
فالحروف على هذا عندهم قبل الحركات ، وقيل : عكس ذلك ، وقيل : ليست الحركات مأخوذة من الحروف ولا الحروف مأخوذة من الحركات وصححه بعضهم .
والحروف الخفية أربعة الهاء وحروف المد سميت خفية لأنها تخفى في اللفظ إذا اندرجت بعد حرف قبلها ولخفاء الهاء قويت بالصلة ، وقويت حروف المد بالمد عند الهمزة .
وحرفا اللين الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما .
وحرفا الانحراف اللام والراء على الصحيح ، وقيل : اللام فقط ، ونسب إلى البصريين ، وسميا بذلك لأنهما انحرفا عن مخرجهما حتى اتصلا بمخرج غيرهما .
وحرفا الغنة هما النون والميم ، ويقال لهما الأغنان لما فيهما من الغنة المتصلة بالخيشوم .
والحرف المكرر هو الراء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه وغيره هو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة ، ولو لم يكرر لم يجر فيه الصوت ، وقال المحققون : هو بين الشدة والرخاوة . وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء ، وإلى ذلك ذهب المحققون ، فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصا إذا شددت ويعدون ذلك عيبا في القراءة ، وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ .
[ ص: 205 ] وحروف التفشي هو الشين اتفاقا ; لأنه تفشى من مخرجه حتى اتصل بمخرج الطاء ، وأضاف بعضهم إليها الفاء والضاد ، وبعض الراء والصاد والسين والياء والثاء والميم .
والحرف المستطيل هو الضاد ; لأنه استطال عن الفهم عند النطق به حتى اتصل بمخرج اللام ، وذلك لما فيه من القوة بالجهر والإطباق والاستعلاء .