الثالث في محلها
وهو قبل القراءة إجماعا ، ولا يصح قول بخلافه ، عن أحد ممن يعتبر قوله ، وإنما آفة العلم التقليد ، قد نسب إلى
حمزة وأبي حاتم ، ونقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة [ ص: 255 ] رضي الله عنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، وحكي عن
مالك ، 55 وذكر أنه مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود بن علي الظاهري وجماعته عملا بظاهر الآية وهو :
فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله فدل على أن
الاستعاذة بعد القراءة . وحكي قول آخر ، وهو الاستعاذة قبل وبعد . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16785الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره ، ولا يصح شيء في هذا عمن نقل عنه ، ولا ما استدل به لهم ، أما
حمزة وأبو حاتم فالذي ذكر ذلك عنهم هو
أبو القاسم الهذلي ، فقال في كامله : قال
حمزة في رواية
ابن قلوقا : إنما يتعوذ بعد الفراغ من القرآن ، وبه قال
أبو حاتم .
( قلت : ) أما رواية
ابن قلوقا ، عن
حمزة فهي منقطعة في الكامل لا يصح إسنادها ، وكل من ذكر هذه الرواية عن
حمزة من الأئمة كالحافظين
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبي عمرو الداني وأبي العلاء الهمداني وأبي طاهر بن سوار وأبي محمد سبط الخياط ، وغيرهم - لم يذكروا ذلك عنه ، ولا عرجوا عليه ، وأما
أبو حاتم فإن الذين ذكروا روايته واختياره
كابن سوار وابن مهران وأبي معشر الطبري nindex.php?page=showalam&ids=13889والإمام أبي محمد البغوي ، وغيرهم - لم يذكروا شيئا ، ولا حكوه ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة فالذي نقل عنه رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مسنده : أخبرنا
إبراهيم بن محمد ، عن
ربيعة بن عثمان ، عن
صالح بن أبي صالح أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته ( ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم ) في المكتوبة إذا فرغ من أم القرآن . وهذا الإسناد لا يحتج به ; لأن
إبراهيم بن محمد هو الأسلمي ، وقد أجمع أهل النقل والحديث على ضعفه ولم يوثقه سوى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قال
أبو داود : كان قدريا رافضيا مأبونا كل بلاء فيه ،
وصالح بن أبي صالح الكوفي ضعيف واه ، وعلى تقدير صحته لا يدل على
الاستعاذة بعد القراءة ، بل يدل أنه كان يستعيذ إذا فرغ من أم القرآن ، أي للسورة الأخرى ، وذلك واضح . فأما
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة هو ممن عرف بالجهر بالاستعاذة ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين والنخعي فلا يصح عن واحد منهما عند أهل النقل ، وأما
مالك فقد حكاه عنه القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي في المجموعة ، وكفى في الرد والشناعة على قائله ، وأما
داود وأصحابه ، فهذه كتبهم موجودة
[ ص: 256 ] لا تعد كثرة ، لم يذكر فيها أحد شيئا من ذلك . ونص
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم إمام أهل الظاهر على
التعوذ قبل القراءة ولم يذكر غير ذلك ( وأما الاستدلال ) بظاهر الآية فغير صحيح ، بل هي جارية على أصل لسان العرب وعرفه ، وتقديرها عند الجمهور : إذا أردت القراءة فاستعذ ، وهو كقوله تعالى :
إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وكقوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=994533من أتى الجمعة فليغتسل ، وعندي أن الأحسن في تقديرها : إذا ابتدأت وشرعت ، كما في
nindex.php?page=hadith&LINKID=994534حديث جبريل - عليه السلام - : فصلى الصبح حين طلع الفجر . أي : أخذ في الصلاة عند طلوعه ، ولا يمكن القول بغير ذلك . وهذا بخلاف قوله في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=994535ثم صلاها بالغد بعد أن أسفر . فإن الصحيح أن المراد بهذا الابتداء ، خلافا لمن قال : إن المراد الانتهاء .
ثم إن
المعنى الذي شرعت الاستعاذة له يقتضي أن تكون قبل القراءة ؛ لأنها طهارة الفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له ، وتهيؤ لتلاوة كلام الله تعالى ، فهي التجاء إلى الله تعالى ، واعتصام بجنابه من خلل يطرأ عليه ، أو خطأ يحصل منه في القراءة وغيرها وإقرار له بالقدرة ، واعتراف للعبد بالضعف والعجز عن هذا العدو الباطن الذي لا يقدر على دفعه ومنعه إلا الله الذي خلقه ، فهو لا يقبل مصانعة ، ولا يدارى بإحسان ، ولا يقبل رشوة ، ولا يؤثر فيه جميل ، بخلاف العدو الظاهر من جنس الإنسان كما دلت عليه الآي الثلاث من القرآن التي أرشد فيها إلى رد العدو الإنساني ، فقال تعالى في الأعراف :
خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فهذا ما يتعلق بالعدو الإنساني ، ثم قال :
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله الآية ، وقال في " المؤمنون "
ادفع بالتي هي أحسن السيئة ثم قال :
وقل رب أعوذ بك الآية ، وقال في فصلت
ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة الآيات ، وقلت في ذلك وفيه أحسن الاكتفاء وأملح الاقتفاء :
[ ص: 257 ] شيطاننا المغوي عدو فاعتصم بالله منه والتجي وتعوذ وعدوك الإنسي دار وداده
تملكه وادفع بالتي فإذا الذي