( واعلم ) أن هذا الاختلاف في
تقدير المراتب بالألفات لا تحقيق وراءه ،
[ ص: 327 ] بل يرجع إلى أن يكون لفظيا ، وذلك أن المرتبة الدنيا وهي القصر ، إذا زيد عليها أدنى زيادة صارت ثانية ، ثم كذلك حتى تنتهي إلى القصوى ، وهذه الزيادة بعينها إن قدرت بألف أو بنصف ألف هي واحدة ، فالمقدر غير محقق ، والمحقق إنما هو الزيادة ، وهذا مما تحكمه المشافهة ، وتوضحه الحكاية ، ويبينه الاختبار ، ويكشفه
الحسن .
قال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني - رحمه الله - : وهذا كله جار على طباعهم ومذاهبهم في تفكيك الحروف ، وتلخيص السواكن ، وتحقيق القراءة ، وحدرها ، وليس لواحد منهم مذهب يسرف فيه على غيره إسرافا يخرج عن المتعارف في اللغة والمتعالم في القراءة ، بل ذلك قريب بعضه من بعض ، والمشافهة توضح حقيقة ذلك والحكاية تبين كيفيته .
( قلت ) : وربما بالغ الأستاذ على المتعلم في التحقيق والتجويد والمد والتفكيك ؛ ليأتي بالقدر الجائز المقصود ، كما أخبرنا
أبو الحسن بن أحمد بن هلال الدقاق بقراءتي عليه بالجامع الأموي ، عن الإمام
أبي الفضل إبراهيم بن علي بن فضل الواسطي ، أخبرنا
عبد الوهاب بن علي الصوفي ، أخبرنا
الحسن بن أحمد العطار الحافظ ، أخبرنا
أحمد بن علي الأصبهاني ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13806أحمد بن الفضل الباطرقاني ، أخبرنا
محمد بن جعفر المقري الجرجاني ، حدثنا
أبو بكر بن محمد بن نصر الشذائي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13281أبو الحسن بن شنبوذ إملاء ، ثنا
محمد بن حيان ، ثنا
أبو حمدون ، حدثنا
سليم قال : سمعت
حمزة يقول : إنما أزيد على الغلام في المد ليأتي بالمعنى ، انتهى . وروينا ، عن
حمزة أيضا أن رجلا قرأ عليه ، فجعل يمد ، فقال له
حمزة : لا تفعل ، أما علمت أن ما كان فوق البياض فهو برص ، وما كان فوق الجعودة فهو قطط ، وما كان فوق القراءة فليس بقراءة .
( قلت ) : فالأول لما لم يوف الحق زاد عليه ليوفيه ( والثاني ) لما زاد على الحق ليهديه ، فلا يكون تفريط ولا إفراط ، ومثل ذلك ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=14303الدوري ، عن
سليم أنه قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري لحمزة ، وهو يقرئ : يا
أبا عمارة ما هذا الهمز والقطع والشدة ؟ فقال : يا
أبا عبد الله هذه رياضة للمتعلم ، وها نحن نذكر من نصوص الأئمة ما حضرنا كما وعدنا . فقال
أبو الحسن طاهر بن غلبون [ ص: 328 ] في " التذكرة " إن
ابن كثير ،
وأبا شعيب وقالون ، سوى
أبي نشيط ويعقوب - يمدون أحرف المد إذا كن مع الهمزة في كلمة واحدة مدا وسطا ، ويتركون مدها زيادة على ما فيهن من المد واللين إذا لم يكن مع الهمزة في كلمة واحدة . قال : وقرأ
الباقون وأبو نشيط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون ،
nindex.php?page=showalam&ids=14303والدوري ، عن
أبي عمرو بمد حرف المد واللين إذا وقعت قبل الهمز في هذين الضربين مدا واحدا مشبعا غير أنهم يتفاضلون في المد ، فأشبعهم مدا
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش وحمزة ، ثم
عاصم دون مدها قليلا ، ثم
ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي دون مده قليلا ، ثم
أبو نشيط عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون ،
nindex.php?page=showalam&ids=14303والدوري ، عن
أبي عمرو دون مدهما قليلا ، وقال الحافظ
أبو عمرو في التيسير : إن
ابن كثير وقالون - بخلاف عنه -
وأبا شعيب وغيره عن
اليزيدي يقصرون حرف المد ، فلا يزيدونه تمكينا على ما فيه من المد الذي لا يوصل إليه إلا به ، ومثل المنفصل ثم قال : والباقون يطولون حرف المد في ذلك زيادة ، وأطولهم مدا في الضربين جميعا
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش وحمزة ، ودونهما
عاصم ، ودونه
ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، ودونهما
أبو عمرو من طريق
أهل العراق ، وقالون من طريق
أبي نشيط بخلاف عنه ، وقال في " جامع البيان " : وأشبع القراءة مدا وأزيدهم تمكينا في الضربين جميعا من المتصل والمنفصل
حمزة في غير رواية
خلاد وأبو بكر في رواية
الشموني عن
الأعشى ، عنه ،
وحفص في رواية
الأشناني ، عن أصحابه ، عنه ، قال : ودونهم في الإشباع والتمكين
حمزة في رواية
خلاد ونافع في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش من طريق المصريين ، ودونهما
عاصم في رواية
الشموني عن
الأعشى ، وفي غير رواية
الأشناني ، عن
حفص ، ودونه
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي في غير رواية
قتيبة وابن عامر ، ودونهما
أبو عمرو من طريق
ابن مجاهد وسائر البغداديين ،
ونافع من رواية
أبي نشيط عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون . قال : ودونهما
ابن كثير ومن تابعه على التميز بين ما كان من كلمة ومن كلمتين ، وقال
أبو محمد مكي في التبصرة : إن
ابن كثير وأبا عمرو في رواية العراقيين - يعني
السوسي والحلواني - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون يقصرون المنفصل ،
وأبا نشيط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون [ ص: 329 ] وأبا عمرو في رواية العراقيين - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=14303الدوري - بالمد مدا متمكنا ، وكذلك
ابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي غير أنهما أزيد قليلا ومثلهما
عاصم غير أنه أزيد قليلا ، ومثله
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش وحمزة غير أنهما أمكن قليلا . وقال
أبو العباس المهدوي في " الهداية " وأطولهم - يعني في المنفصل
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش ، ثم
عاصم ، ثم
ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، ثم
أبو نشيط nindex.php?page=showalam&ids=14303والدوري عن
اليزيدي ، ثم الباقون . وقال
أبو عبد الله بن شريح في " الكافي " عن المنفصل :
nindex.php?page=showalam&ids=17274فورش وحمزة أطولهم مدا ،
وعاصم دونهما ،
وابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي دونه ،
وقالون nindex.php?page=showalam&ids=14303والدوري عن
اليزيدي دونهما ،
وابن كثير وأبو شعيب أقلهم مدا ، وقد قرأت
nindex.php?page=showalam&ids=16810لقالون nindex.php?page=showalam&ids=14303والدوري عن
اليزيدي كابن كثير وأبي شعيب قال : وإنما يشبع المد في هذه الحروف إذا جاء بعدها همزة ، أو حرف ساكن مدغم ، أو غير مدغم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13757أبو علي الأهوازي في " الوجيز " إن
ابن كثير وأبا عمرو ،
ويعقوب ،
وقالون ،
وهشاما لا يمدون المنفصل ، وإن أطولهم مدا
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش ، وإن
عاصما ألطف مدا ، وإن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي وابن ذكوان ألطف منه مدا ، قال : فإذا كان حرف المد مع الهمزة في كلمة واحدة أجمعوا على مده زيادة ، ويتفاضلون في ذلك على قدر مذاهبهم في التجويد والتحقيق . انتهى .
وهذا يقتضي التفاوت أيضا في المتصل كالجماعة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12835أبو القاسم بن الفحام في " التجريد " إن
حمزة والنقاش ، عن
الحلواني ، عن
هشام ويونس والأزرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش يمدون الضربين مدا مشبعا تاما ، ويليهم
عبد الباقي ، عن
عاصم ،
والفارسي عن
ابن عامر سوى
النقاش عن
الحلواني ، عن
هشام ، ويليهم
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي وعبد الباقي عن
ابن عامر وأبو نشيط الأصبهاني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش وأبو الحسين الفارسي ، يعني من طرق الإظهار ، والباقون وهم
ابن كثير والقاضي والحلواني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون وأبو عمرو يعني من طرق الإدغام ، ومن طريق
عبد الباقي وابن نفيس ، عن أصحابهم عنه مثلهم ، إلا أنهم لا يمدون حرفا لحرف ، وقال
أبو معشر الطبري في " التلخيص " : إن حجازيا غير
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش والحلواني ، عن
هشام يتركون المد حرفا لحرف ويمكنون
[ ص: 330 ] تمكينا . وإن
عاصما nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وابن عامر إلا
الحلواني يمدون وسطا فوق الأولى قليلا . وإن
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=17274وورشا يمدان مدا تاما ، وإن
حمزة أطول مدا . انتهى .
وهو يقتضي عدم القصر المحض ، وقال
أبو جعفر بن الباذش في " الإقناع " : وأطول القراء مدا في الضربين
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش وحمزة ، ومدهما متقارب ، قال : ويليهما
عاصم ; لأنه كان صاحب مد ، وقطع ، وقراءة شديدة ، ويليه
ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، قال : وعلى ما قرأت به
للحلواني ، عن
هشام من غير طريق
ابن عبدان من ترك مد حرف لحرف يكون
ابن عامر دون مد
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ويليهما
أبو عمرو من طريقي
ابن مجاهد ، عن
أبي عمرو ،
وقالون من طريق
أبي نشيط من غير رواية
الفرضي ، ثم قال : وهذا كله على التقريب من غير إفراط ، وقال
ابن شيطا : إن
ابن كثير يأتي بحرف المد في المنفصل على صيغته من غير زيادة ، وإن مدنيا
والحلواني لهشام والحمامي عن
الولي ، عن
حفص يأتون في ذلك بزيادة متوسطة ،
وأبو عمر وله مذهبان أحدهما
كابن كثير يخص به الإدغام ، والثاني
كنافع ومن تابعه بل أتم منه يخص به الإظهار ، قال : وهو المشهور عنه ، وبه أقرأ
ابن مجاهد أصحابه ، عن
أبي عمرو ، والباقون بمد مشبع غير فاحش ولا مجاوز للحد ، وأتمهم مدا
حمزة ،
والأعشى وقتيبة والحمامي ، عن
النقاش ، عن
الأخفش ، عن
ابن ذكوان ، وباقيهم يتقاربون فيه ، وهذا صريح في أنه لا قصر في المنفصل لغير
ابن كثير ، وقال الحافظ
أبو العلاء في " الغاية " بعد ذكره المنفصل وتمثيله : فقرأ بتمكين ذلك من غير مد حجازي ،
والحلواني ، عن
هشام ،
والولي ، عن
حفص وأقصرهم مدا
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي ، ثم قال الباقون بالمد المستوفى في جميع ذلك مع التمكين ، وأطولهم مدا
حمزة ، ثم
الأعشى ، ثم
قتيبة ، قال : وأجمع القراء على إتمام المد وإشباعه ، فيما كان حرف المد والهمزة بعده في كلمة واحدة ، وهذا أيضا صريح في ذلك كما تقدم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15963سبط الخياط في " المبهج " بعد ذكره المنفصل ، فكان
ابن كثير وابن محيصن يمكنان هذه الحروف تمكينا يسيرا سهلا ، قال : وقال المحققون في ذلك ، بل يقصرانها قصرا محضا ، يعني أنهما ينطقان بأحرف المد
[ ص: 331 ] في هذا الفصل على صورتهن في الخط . وكان
نافع إلا
أبا سليمان وأبا مروان جميعا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون وهشام وحفص في رواية
عمرو بن الصباح ويعقوب يمدونها مدا متوسطا ، فينفسون مدها تنفيسا .
قال : وكان
لأبي عمرو في مدهن مذهبان : أحدهما القصر على نحو قراءة
ابن كثير إذا أدغم المتحركات ، نص على ذلك
الشذائي ، وأما المطوعي فما عرفت عنه عن
أبي عمرو نصا ، والذي قرأت به على شيخنا
الشريف بالمد الحسن
كنافع ومتابعيه ، ثم قال : وكان
أهل الكوفة إلا
الشنبوذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وعمرو بن الصباح وابن عامر إلا
هشاما وأبو سليمان وأبو مروان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16810قالون يمدون مدا تاما حسنا مشبعا من غير فحش فيه ، وكان أتمهم مدا وأزيدهم فيه حدا وتمطيا
حمزة ، ويقاربه
قتيبة ويدانيهما
ابن عامر غير
هشام . ثم قال : واتفقوا على تمكين هذه الحروف التمكين الوافي ، وأن يمد المد الشافي بشرط أن يصحبها معها في الكلمة همزة ، أو مدغم .