صفحة جزء
17860 باب الأسير يستعين به المشركون على قتال المشركين

( قال الشافعي - رحمه الله ) : قد قيل يقاتلهم ؛ قد قاتل الزبير ، وأصحاب له ببلاد الحبشة مشركين ، عن مشركين . ولو قال قائل [ ص: 144 ] يمتنع عن قتالهم لمعان - ذكرها الشافعي - كان مذهبا ، ولا نعلم خبر الزبير - رضي الله عنه - يثبت ، ولو ثبت كان النجاشي مسلما كان آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم .

( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدثني الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أم سلمة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : لما ضاقت علينا مكة . . فذكرت الحديث في هجرتهم إلى أرض الحبشة ، وما كان من بعثة قريش عمرو بن العاص ، وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليخرجهم من بلاده ، ويردهم عليهم ، وما كان من دخول جعفر بن أبي طالب ، وأصحابه - رضي الله عنهم - على النجاشي قال : فقال النجاشي : هل معكم شيء مما جاء به ؟ فقال له جعفر : نعم . فقرأ عليه صدرا من ( كهيعص ) ، فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم ، ثم قال : إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى ، انطلقوا راشدين . . ثم ذكر الحديث في تصويرهما له أنهم يقولون في عيسى ابن مريم - عليه السلام - أنه عبد ، فدخلوا عليه ، وعنده بطارقته فقال : ما تقولون في عيسى ابن مريم - عليه السلام - فقال له جعفر : نقول هو عبد الله ، ورسوله ، وكلمته ، وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول . فدلى النجاشي يده إلى الأرض فأخذ عويدا بين إصبعيه ، فقال : ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العويد . . ثم ذكر الحديث قالت : فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه ، فوالله ما علمتنا حزنا حزنا قط كان أشد منه ؛ فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف ، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي ، فخرج إليه سائرا ، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضهم لبعض : من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون ، فقال الزبير - رضي الله عنه - وكان من أحدثهم سنا : أنا . فنفخوا له قربة ، فجعلها في صدره ، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من الشقة الأخرى إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة ، فهزم الله ذلك الملك ، وقتله ، وظهر النجاشي عليه ، فجاءنا الزبير - رضي الله عنه - فجعل يليح إلينا بردائه ويقول : ألا أبشروا فقد أظهر الله النجاشي . فوالله ما فرحنا بشيء فرحنا بظهور النجاشي .

التالي السابق


الخدمات العلمية