أسير بن صفوان عن
علي
ثناء
علي على
أبي بكر 928 - حدثنا
محمد بن صالح العدوي قال : نا
أحمد بن يزيد قال : نا
عمر بن إبراهيم الهاشمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ، عن
أسير بن صفوان صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لما توفي
أبو بكر - رضي الله عنه - سجوه بثوب فارتجت
المدينة بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب مسرعا مسترجعا وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب البيت الذي فيه
أبو بكر فقال
: رحمك الله أبا بكر كنت أول القوم إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأشدهم يقينا ، وأخوفهم لله ، وأعظمهم غناء ، وأحوطهم على رسوله ، وأحدبهم على
[ ص: 139 ] الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صحبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم من رسوله ، وأشبههم به هديا ، وخلقا وسمتا ، وأوثقهم عنده ، وأشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه ، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله ، وعن المسلمين خيرا ، صدقت رسول الله حين كذبه الناس فسماك في كتابه صديقا ، فقال : )
والذي جاء بالصدق (
محمد ، )
وصدق به (
أبو بكر وآسيته حين بخلوا ، وقمت معه حين عنه قعدوا ، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة ، والمنزل عليه السكينة رفيقه في الهجرة ومواطن الكربة ، خلفته في أمته بأحسن الخلافة ، حين ارتد الناس ، وقمت بدين الله قياما لم يقمه خليفة نبي قط ، قويت حين ضعف أصحابك ، ونهضت حين وهنوا ، ولزمت مناهج رسوله برغم المنافقين وغيظ الكافرين ، وقمت بالأمر حين فشلوا بنور الله إذ وقفوا كنت أعلاهم فوقا وأقلهم كلاما ، وأصوبهم منطقا ، وأطولهم صمتا ، وأبلغهم قولا ، وكنت أكبرهم رأيا ، وأشجعهم قلبا ، وأشدهم يقينا ، وأحسنهم عملا ، وأعرفهم بالأمور . كنت للدين يعسوبا وكنت للمؤمنين أبا رحيما إذا صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا ، وحفظت ما أضاعوا ، ورعيت ما أهملوا ، وصبرت إذ جزعوا فأدركت آثار ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا وللمسلمين غيثا وخصبا فطرت بغناها وقرت بحماها وذهبت بفضائلها وأحرزت سوابقها لم تقلل حجتك ، ولم يزغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ، ولم تجبن نفسك . كنت كالجبل لا تحركه العواصف ، ولا تزيله القواصف . كنت كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أمن الناس عليه في صحبتك وذات يدك وكما قال : ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله متواضعا عظيما عند المسلمين جليلا في
[ ص: 140 ] الأرض لم يكن لأحد فيك مهمز ، ولا لقائل فيك مغمز ، ولا فيك مطمع ، ولا عندك هوادة لأحد ، الضعيف الذليل عندك قوي حتى تأخذ له بحقه ، القوي العزيز عندك ذليل ضعيف حتى يؤخذ منه الحق ، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء . شأنك الحق والصدق والرفق قولك فأقلعت وقد نهج السبيل واعتدل بك الدين ، وقوي الإيمان وظهر أمر الله ولو كره الكافرون . فسبقت والله سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك إتعابا شديدا وفزت بالجنة وعظمت رزيتك في السماء ، وهزت مصيبتك الأنام فإنا لله ، وإنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاءه وسلمنا لله أمره ، فلن يصاب المسلمون بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثلك أبدا كنت للدين عدة وكهفا ، وللمسلمين حصنا وفئة وأنسا ، وعلى المنافقين غلظة وغيظا ، فألحقك الله بنبيك ، ولا حرمنا الله أجرك ، ولا أضلنا بعدك ، قال : وسكت الناس حتى قضى كلامه ثم بكى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : صدقت يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .