وأما أبي بن خلف ، فقال : والله لأقتلن محمدا ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " بل أنا أقتله إن شاء الله " قال : فانطلق رجل ممن سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن خلف فقيل : إنه لما قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم ما قلت ؟ قال : " بل أنا أقتله إن شاء الله " فأفزعه ذلك ، وقال أنشدك بالله أسمعته يقول ذلك ؟ قال : نعم فوقعت في نفسه لأنهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قولا إلا كان حقا ، فلما كان يوم أحد خرج أبي بن خلف مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه ، فيحول رجل من المسلمين بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : " خلوا عنه " فأخذ الحربة فجزله بها يقول : رماه بها فيقع في [ ص: 357 ] ترقوته تحت تسبغة البيضة ، وفوق الدرع ، فلم يخرج منه كبير دم ، واحتقن الدم في جوفه ، فجعل يخور كما يخور الثور ، فأقبل أصحابه حتى احتملوه وهو يخور وقالوا : ما هذا فوالله ما بك إلا خدش ، فقال : " والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني ، أليس قد قال : أنا أقتله إن شاء الله ، والله لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم . قال : فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار ، فأنزل الله فيه ويوم يعض الظالم على يديه إلى قوله وكان الشيطان للإنسان خذولا .