صفحة جزء
[ ص: 140 ] ( 162 ) باب الرخصة في قراءة القرآن ، وهو أفضل الذكر على غير وضوء .

208 - أخبرنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، نا بندار ، نا محمد بن جعفر ، نا شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد الله بن سلمة قال : دخلت على علي بن أبي طالب أنا ورجلان : رجل منا ، ورجل من بني أسد أحسب ، فبعثهما وجها وقال : إنكما علجان فعالجا عن دينكما ، ثم دخل المخرج ثم خرج ، فأخذ حفنة من ماء فتمسح بها ثم ، جاء فقرأ القرآن قراءة فأنكرنا ذلك ، فقال علي : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي الخلاء فيقضي الحاجة ، ثم يخرج فيأكل معنا الخبز واللحم ، ويقرأ القرآن ، ولا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة ، أو إلا الجنابة .

أخبرنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، قال : سمعت أحمد بن المقدام العجلي يقول : حدثنا سعيد بن الربيع ، عن شعبة بهذا الحديث .

قال شعبة : هذا ثلث رأس مالي .

قال أبو بكر : قد كنت بينت في كتاب البيوع أن بين المكروه وبين المحرم فرقانا ، واستدللت على الفرق بينهما بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله كره لكم ثلاثا ، وحرم عليكم ثلاثا ، كره لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ، وحرم عليكم عقوق الأمهات ، ووأد البنات ، ومنعا وهات " .

ففرق بين المكروه ، وبين المحرم بقوله في خبر المهاجر بن قنفذ : [ ص: 141 ] " كرهت أن أذكر الله إلا على طهر " ، قد يجوز أن يكون إنما كره ذلك إذ الذكر على طهر أفضل لا أن ذكر الله على غير طهر محرم ، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان يقرأ القرآن على غير طهر ، والقرآن أفضل الذكر . وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه على ما روينا عن عائشة - رضي الله عنها - . وقد يجوز أن تكون كراهته لذكر الله إلا على طهر ذكر الله الذي هو فرض على المرء دون ما هو متطوع به ، فإذا كان ذكر الله فرضا لم يؤد الفرض على غير طهر حتى يتطهر ، ثم يؤدي ذلك الفرض على طهارة ؛ لأن رد السلام فرض عند أكثر العلماء ، فلم يرد - صلى الله عليه وسلم - وهو على غير طهر حتى تطهر ، ثم رد السلام ، فأما ما [ كان ] المرء متطوعا به من ذكر الله ولو تركه في حالة هو فيها غير طاهر ، لم يكن عليه إعادته فله أن يذكر الله متطوعا بالذكر وإن كان غير متطهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية