522 524 - ( مالك ، عن يحيى بن سعيد أنه قال : بلغني أن أبا بكر الصديق قال لعائشة ) وهذا رواه البخاري من طريق وهيب ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : دخلت على أبي بكر ( وهو مريض ) مرض الموت بمرض السل أو بسم يهودية في خزيرة أو غيرها أهدتها له ، فتعلل سنة ، أو باغتساله في يوم بارد فحم خمسة عشر يوما ومات ، روايات لا منافاة بينها فقد يكون أكل السم وتعلل لكن لم ينقطع وحصل له بسبب ذلك مرض السل ، ثم في شهر [ ص: 76 ] موته اغتسل فحم حتى مات ، فجمع الله له ذلك زيادة في الزلفى ورفع الدرجات ( في كم ) معمول مقدم لقوله ( كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) سألها وإن كان إنما تولى غسله وتكفينه صلى الله عليه وسلم أهله علي والعباس وابنه الفضل ; لأن ذلك كان في بيتها فشاهدته ، قيل : ذكر لها أبو بكر ذلك بصيغة الاستفهام توطئة لها للصبر على فقده واستنطاقا لها بما يعلم أنه يعظم عليها ذكره لما في بداءته لها بذلك من إدخال الغم العظيم عليها ; لأنه يبعد أن يكون أبو بكر نسي ما سألها عنه لقرب العهد ، ويحتمل أن السؤال عن الكفن على حقيقته ; لأنه لم يحضر ذلك لاشتغاله بأمر البيعة ( فقالت : في ثلاثة أثواب بيض سحولية ) بفتح السين وضمها ( فقال أبو بكر : خذوا هذا الثوب لثوب عليه ) زاد البخاري : كان يمرض فيه ( قد أصاب به مشق ) بكسر الميم وإسكان الشين المغرة عند أهل المدينة بفتح الميم والعين وبسكون الغين لغتان ، قاله أبو عبد الملك ( أو زعفران ) وفي رواية البخاري به ردغ من زعفران ( فاغسلوه ) لتزول الحمرة التي فيه أو علم فيه شيئا ، وإلا فالثوب اللبيس لا يجب غسله قاله سحنون ( ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين ) موافقة لما فعل بالمصطفى ( فقالت عائشة : وما هذا ؟ ) وفي رواية البخاري قلت : إن هذا خلق ( فقال أبو بكر : الحي أحوج إلى الجديد من الميت ، وإنما هذا للمهلة ) رواه يحيى بكسر الميم ، وروي بضمها ، وروي بفتحها ، قاله عياض ، ثم هاء ساكنة ، ثم لام ، وهي الصديد والقيح الذي يذوب فيسيل من الجسد ، ومنه قيل للنحاس الذائب مهل كما في النهاية ، قال أبو عمر : من ضم الميم شبه الصديد بعكر الزيت وهو المهل والمهلة ، قال الباجي : ورواه أبو عبيد وإنما هو للمهل والتراب ، قال : ويحتمل أنه أوصى بتكفينه في هذا الثوب ; لأنه لبسه في الحروب وأحرم فيه ، وفيه اعتبار وصية الميت في كفنه وغيره إذا وافق صوابا . روى علي عن مالك : " إذا أوصى أن يكفن بسرف كفن منه بالقصد فإن لم يوص وتشاح الورثة لم ينقص عن ثلاثة أثواب من جنس ما كان يلبس في حياته " وقال غيره : يحتمل أن أبا بكر اختار ذلك الثوب بعينه لمعنى فيه من التبرك به لكونه صار إليه من النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهد فيه أو تعبد فيه ، ويؤيده ما رواه ابن سعد قال أبو بكر : كفنوني في ثوبي اللذين كنت أصلي فيهما ، وإن كان ظاهره أن أبا بكر كان يرى عدم المغالاة في الكفن لقوله إنما هو للمهلة . وروى أبو داود عن علي قال : " قال صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352454لا تغالوا في الكفن فإنه يسلبه سريعا " ، ولا يدافع قوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352455إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه " رواه مسلم عن جابر [ ص: 77 ] لحمل التحسين على الصفة والمغالاة على الثمن . وقيل : التحسين حق للميت فإذا أوصى بتركه اتبع كما فعل الصديق . وقول ابن عبد البر : الجديد والخلق سواء تعقب بما مر من احتمال أنه اختاره لمعنى فيه ، وعلى تقدير أن لا يكون كذلك فلا دليل فيه على المساواة . زاد في رواية البخاري : " وقال لها في أي يوم توفي صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : يوم الاثنين ، قال : فأي يوم هذا ؟ قالت : يوم الاثنين ، قال : أرجو فيما بيني وبين الليل فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن من ليلته قبل أن يصبح " قال ابن المنير : حكمة تأخر وفاته عن يوم الاثنين مع حبه لذلك لكونه قام في الأمر بعد المصطفى فناسب تأخر موته عن الوقت الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم