531 533 - ( مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة ) بضم الهمزة اسمه أسعد ( ابن سهل ) بفتح فسكون ( ابن حنيف ) بضم المهملة وفتح النون وسكون التحتية وبالفاء ، سماه النبي صلى الله عليه وسلم لما ولد قبل موته بسنتين باسم جده لأمه أسعد بن زرارة وكناه ومسح رأسه ، فهو صحابي من حيث الرؤية ، تابعي من حيث الرواية ، ومات سنة مائة ، وأبوه صحابي شهير بدري ( أنه أخبره ) لم تختلف رواة الموطأ في إرساله ، ووصله موسى بن محمد القرشي عن مالك فزاد عن رجل من الأنصار وموسى متروك ، ووصله سفيان بن حسين عن الزهري ، عن أبي أمامة ، عن أبيه ، أخرجه ابن أبي شيبة ، وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري باتفاق ، فالصواب عن أبي أمامة مرسل ، نعم ، الحديث صحيح جاء من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد ثابتة ( أن مسكينة ) وفي حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما : أنها امرأة سوداء كانت تقم المسجد ، بقاف مضمومة ، أي تجمع القمامة ، وهي الكناسة . وفي لفظ : كانت تنقي المسجد من الأذى . ولابن خزيمة : كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد ، وللبيهقي بإسناد حسن عن بريدة : أن أم محجن كانت مولعة بلقط القذى من المسجد بقاف ومعجمة ، مقصور في العين والشراب ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان قليلا ، وفي الإصابة : محجنة ، وقيل أم محجن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ذكرت في الصحيح بلا تسمية .
( مرضت فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها ) قال الباجي : فيه اهتباله بأخبار ضعفاء المسلمين ، ولذا كان يخبر بمرضاهم وذلك من تواضعه . وقال أبو عمر : فيه التحدث بأحوال الناس عند العالم إذا لم يكن مكروه فيكون غيبة .
( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين ويسأل عنهم ) لمزيد تواضعه وحسن خلقه ففيه عيادة النساء ، وإن لم يكن محرما إن كانت متجالة وإلا فلا إلا أن يسأل عنها ولا ينظر إليها ، قاله أبو عمر . ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ماتت [ ص: 85 ] فآذنوني ) بالمد أعلموني ( بها ) لشهود جنازتها والاستغفار لها ; لأن لها من الحق في بركة دعائه صلى الله عليه وسلم ما للأغنياء ، قاله الباجي فماتت ( فخرج بجنازتها ليلا ) لجوازه وإن كان الأفضل تأخيرها للنهار ليكثر من يحضرها دون مشقة ولا تكلف ، فإن كان لضرورة فلا بأس به ، ولابن أبي شيبة : فأتوه ليؤذنوه فوجدوه نائما وقد ذهب الليل ( فكرهوا أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إجلالا له ; لأنه كان لا يوقظ لأنه لا يدرى ما يحدث له في نومه ، زاد ابن أبي شيبة : وتخوفوا عليه ظلمة الليل وهوام الأرض ، قال : فدفناها ( فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بالذي كان من شأنها ) بعد سؤاله ، فلابن أبي شيبة : فلما أصبح سأل عنها ، وكذا في حديث أبي هريرة في الصحيح ، وفي حديث بريدة عند البيهقي أن الذي أجابه صلى الله عليه وسلم عن سؤاله عنها أبو بكر الصديق ( فقال : ألم آمركم أن تؤذنوني بها ؟ ) قال ذلك تذكيرا لهم بأمره ونهيا عن العود لمثله ( فقالوا : يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلا ونوقظك ) ولابن أبي شيبة فقالوا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352473أتيناك لنؤذنك بها فوجدناك نائما فكرهنا أن نوقظك وتخوفنا عليك ظلمة الليل وهوام الأرض " ولا ينافي هذا قوله في حديث أبي هريرة عند البخاري : فحقروا شأنها ، ولمسلم : وكأنهم صغروا أمرها ، زاد عامر بن ربيعة : " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تفعلوا ادعوني لجنائزكم " رواه ابن ماجه . وفي حديث زيد بن ثابت قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352474فلا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة " ، أخرجه أحمد .
( فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها ) فصلى ( وكبر أربع تكبيرات ) وفي حديث ابن عباس عند الطبراني : وقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352475إني رأيتها في الجنة تلقط القذى من المسجد " وهذا مقصود الترجمة . وأما الصلاة على القبر فقال بمشروعيته الجمهور ومنهم : الشافعي وأحمد وابن وهب وابن عبد الحكم ومالك في رواية شاذة والمشهور عنه منعه ، وبه قال أبو حنيفة والنخعي وجماعة ، وعنهم : إن دفن قبل الصلاة شرع وإلا فلا ، وأجابوا بأن ذلك من خصائصه ، ورده ابن حبان بأن ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه على القبر دليل على جوازه لغيره وأنه ليس من خصائصه ، وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلا للأصالة ، والدليل على الخصوصية ما زاده مسلم وابن حبان في حديث أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352476فصلى على القبر ثم قال : إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي [ ص: 86 ] عليهم " . وفي حديث زيد بن ثابت : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352477فإن صلاتي عليه له رحمة " . وهذا لا يتحقق في غيره . وقال مالك : ليس العمل على حديث السوداء ، قال أبو عمر : يريد عمل أهل المدينة . وما حكي عن بعض الصحابة والتابعين من الصلاة على القبر إنما هي آثار بصرية وكوفية ، ولم نجد على مدني من الصحابة فمن بعدهم أنه صلى على القبر ، انتهى . واستدل به على رد التفصيل بين من صلي عليه فلا يصلى عليه بأن القصة وردت فيمن صلي عليه ، وأجيب بأن الخصوصية تنسحب على ذلك .
ابن عبد البر : أجمع من يرى الصلاة على القبر أنه لا يصلى عليه إلا بقرب دفنه ، وأكثر ما قالوا في ذلك شهر ، وقال غيره : اختلف في أمد ذلك فقيده بعضهم بشهر ، وقيل ما لم تبل الجثة ، وقيل يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه حين موته ، وهذا هو الراجح عند الشافعية ، وقيل يجوز أبدا ، ومحل الخلاف ما عدا قبور الأنبياء فلا يجوز الصلاة عليها لأنا لم نكن من أهل الصلاة عند موتهم ، قال الإمام أحمد : رويت الصلاة على القبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه حسان كلها ، قال ابن عبد البر : بل من تسعة كلها حسان ، وساقها كلها بأسانيده في تمهيده من حديث سهل بن حنيف وأبي هريرة وعامر بن ربيعة وابن عباس وزيد بن ثابت ، والخمسة في صلاته على المسكينة ، وسعد بن عبادة في صلاة المصطفى على أم سعد بعد دفنها بشهر ، وحديث الحصين بن وحوح في صلاته عليه الصلاة والسلام على قبر طلحة بن البراء ثم رفع يديه وقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352478اللهم الق طلحة يضحك إليك وتضحك إليه " . وحديث أبي أمامة بن ثعلبة : " أنه صلى الله عليه وسلم رجع من بدر وقد توفيت أم أبي أمامة فصلى عليها " . وحديث أنس : " أنه صلى على امرأة بعدما دفنت " . وهو محتمل للمسكينة وغيرها ، وكذا ورد من حديث بريدة وعند البيهقي بإسناد حسن كما قدمنا ، وهو في المسكينة فهي عشرة أوجه .