564 566 - ( مالك ، عن نافع أن عبد الله بن عمر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352568إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ) أي فيهما ، قال الباجي : العرض لا يكون إلا على حي يعلم ما يعرض عليه ويفهم ما يخاطب به ، قال : ويحتمل غداة واحدة وعشية واحدة ، ويحتمل كل غداة وكل عشي . وقال ابن التين : يحتمل غداة واحدة وعشية واحدة يكون العرض فيهما ، ويكون معنى حتى يبعثك أي لا تصل إليه إلى يوم البعث ، ويحتمل كل غداة وعشي ، وهو محمول على أنه يحيا منه جزء ليدرك ذلك ، فغير ممتنع أن تعاد الحياة إلى جزء من الميت أو أجزاء ، وتصح مخاطبته والعرض عليه ، قال الحافظ : والأول موافق لأحاديث سياق المسألة وعرض المقعدين على كل أحد ، وقال القرطبي : يجوز أن هذا العرض على الروح فقط ، ويجوز أن يكون عليه مع جزء من البدن ، قال : والمراد بالغداة والعشي وقتهما وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء ، قال : وهذا في حق المؤمن والكافر واضح ، وأما المؤمن المخلط فمحتمل أيضا في حقه ; لأنه لا يدخل الجنة في الجملة ثم هو مخصوص بغير الشهداء ، ويحتمل أن يقال فائدة العرض في حقهم تبشير أرواحهم باستقرارها في الجنة مقترنة بأجسادها فإن فيه قدرا زائدا على ما هي فيه الآن .
( إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ) اتحد فيه الشرط والجزاء لفظا فلا بد من تقدير ، قال التوربشتي : التقدير : فمقعد من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه ، وقال الطيبي : الشرط والجزاء إذا اتحدا لفظا دل على الفخامة ، والمراد أنه يرى بعد البعث من كرامة الله ما ينسيه هذا المقعد ، انتهى . وعند مسلم بلفظ : إن كان من أهل الجنة فالجنة ، أي فالمعروض الجنة .
( وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ) أي فمقعده من مقاعد أهلها يعرض عليه أو يعلم بالعكس مما يسر به أهل الجنة ; لأن هذه المنزلة طليعة تباشير أهل السعادة الكبرى ومقدمة تباريح الشقاوة العظمى ، وفي ذلك [ ص: 122 ] تنعيم لمن هو من أهل الجنة وتعذيب لمن هو من أهل النار بمعاينة ما أعد له ، وانتظاره ذلك اليوم الموعود ( يقال ) له ( هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة ) كذا في رواية يحيى بلفظ إلى وللأكثر بحذفها ، وليحيى النيسابوري وابن القاسم إليه بالضمير ، حكاه ابن عبد البر قال : والمعنى حتى يبعثك الله إلى هذا المقعد ، ويحتمل أن الضمير يعود إلى الله ، فإلى الله ترجع الأمور والأول أظهر . قال الحافظ : ويؤيده رواية الزهري عن سالم عن أبيه بلفظ : ثم يقال هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة ، أخرجه مسلم . وأخرج النسائي رواية ابن القاسم لكن بحذف إليه كالأكثرين ، وفيه إثبات عذاب القبر وأن الروح لا تفنى بفناء الجسد ; لأن العرض لا يقع إلا على حي . قال ابن عبد البر : واستدل به على أن الأرواح على أفنية القبور وهو الصحيح ; لأن الأحاديث بذلك أصح من غيرها ، والمعنى عندي أنها قد تكون على أفنية القبور لا أنها لا تفارقها بل هي كما قال مالك : بلغني أن الأرواح تسرح حيث شاءت ، والحديث رواه البخاري عن إسماعيل ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به .