575 577 - ( مالك ، عن عمرو بن يحيى ) بفتح العين وإسكان الميم ( المازني ) بكسر الزاي ، نسبة إلى مازن بن النجار الأنصاري ، وفي موطأ ابن وهب : مالك ، أن عمرو بن يحيى حدثه ( عن أبيه ) يحيى بن عمارة بن أبي حسن ( أنه قال ) وللبخاري من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرو بن يحيى أنه سمع أباه قال : ( سمعت أبا سعيد ) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري ) الصحابي ابن الصحابي ( يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس فيما دون ) بمعنى أقل من ( خمس ذود صدقة ) زاد التنيسي من الإبل ، وهو بيان لذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة . قال النووي : الرواية المشهورة بإضافة خمس إلى ذود ، وروي بتنوين خمس ويكون بدلا منه ، قال أهل اللغة : الذود من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه إنما يقال للواحد : بعير . وقال الزين بن المنير : أضاف ( خمس ) إلى ( ذود ) وهو مذكر ; لأنه يقع على المذكر والمؤنث ، وأضافه إلى الجمع لوقوعه على المفرد والجمع . وقول ابن قتيبة : يقع على الواحد فقط لا يدفع نقل غيره أنه يقع على الجمع . وقال الحافظ : الأكثر على أن الذود من ثلاثة إلى عشرة لا واحد له . وقال أبو عبيد : من اثنين إلى عشرة وهو مختص بالإناث . وقال سيبويه : تقول ثلاث ذود لأن الذود مؤنث ، وأنكر ابن قتيبة أن يراد بالذود الجمع وقال : لا يصح أن يقال خمس ذود كما لا يصح أن يقال خمس ثوب ، وغلطه العلماء في ذلك ، لكن قال أبو حاتم السجستاني : تركوا القياس في الجمع فقالوا خمس ذود من الإبل ، كما قالوا : ثلاثمائة على غير قياس . قال القرطبي : وهذا صريح في أن الذود واحد في لفظه ، والأشهر ما قاله المتقدمون أنه لا يطلق على الواحد ، وأصله ذاد يذود إذا دفع شيئا ، فكأن من كان عنده دفع عن نفسه معرة الفقر وشدة الفاقة والحاجة .
( وليس فيما دون خمس أواق ) بالتنوين أي كجوار ، أي من الورق ، كما في الرواية التالية ( صدقة ) جمع أوقية ، وهي أربعون درهما باتفاق ، من الفضة الخالصة سواء كان مضروبا أو غير مضروب . وحكى أبو عبيد في كتاب الأموال أن الدرهم لم يكن معلوم القدر حتى جاء عبد الملك بن مروان فجمع العلماء فجعلوا كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل . ورده ابن [ ص: 139 ] عبد البر وعياض وغيرهما بأنه يلزم منه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أحال نصاب الزكاة على أمر مجهول وهو مشكل ، قال عياض : والصواب أن معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن شيء منها من ضرب الإسلام وكانت مختلفة الوزن بالنسبة إلى العدد ، فعشرة مثاقيل وزن عشرة دراهم ، وعشرة وزن ثمانية ، فاتفق رأيهم على أن تنقش بالعربية ويصير وزنها وزنا واحدا ، وقال ابن زرقون : إنما أوجب - صلى الله عليه وسلم - الزكاة في أواق معلومة ولم يوجبها في دراهم معلومة ، فلا يضر أن تكون الدراهم مختلفة ; إذ الاعتبار بالأوقية المعلومة . وقال غيرهما : لم يتغير المثقال في جاهلية ولا إسلام ، وأما الدراهم فأجمعوا على أن كل سبعة مثاقيل عشرة دارهم ، ولم يخالف في أن نصاب الزكاة مائة درهم يبلغ مائة وأربعين مثقالا من الفضة الخالصة إلا ابن حبيب فانفرد بقوله : إن أهل كل بلد يتعاملون بدراهمهم . وذكر ابن عبد البر اختلافا في الوزن بالنسبة لدراهم الأندلس وغيرهما من البلاد ، وخرق بعضهم الإجماع فاعتبر النصاب بالعدد لا بالوزن . ( وليس فيما دون خمسة أوسق ) جمع وسق بفتح الواو أشهر من كسرها ، وجمعه على الكسر أوساق ، وجاء في رواية مسلم : كحمل وأحمال ، وهو ستون صاعا باتفاق ، ولابن ماجه من وجه آخر عن أبي سعيد : والوسق ستون صاعا . ( صدقة ) وفي رواية لمسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352594وليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة " . قال عياض : وذكر الأوسق يدل على أنه لا زكاة في الخضر ; لأنها لا توسق . ولفظ دون في المواضع الثلاثة بمعنى أقل ; لأنه نفى عن غير الخمس الصدقة ، كما زعم من لا يعتد بقوله وأن دون بمعنى غير ، فاستدل به على وجوبها في الثلاثة ولم يتعرض في الحديث للقدر الزائد على المحدود ، وقد أجمعوا في الأوسق على أنه لا وقص فيها ، وكذا الفضة عند الجمهور ، وعن أبي حنيفة : لا شيء فيما زاد على مائتي درهم حتى يبلغ أربعين ، فجعل لها وقصا كالماشية . واحتج عليه الطبري بالقياس على الثمار والحبوب ، والجامع كون الذهب والفضة يستخرجان من الأرض بكلفة ومؤونة ، وقد أجمعوا على ذلك في خمسة أوسق فما زاد . وهذا الحديث أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك ، وأبو داود عن القعنبي كليهما عن مالك به ، وتابعه يحيى بن سعيد في الصحيحين ، وابن عيينة وابن جريج عند مسلم ، كلهم عن عمرو بن يحيى به ، قال ابن عبد البر ، وهو صحيح عند جميع أهل الحديث ، وقد رواه عن عمرو بن يحيى جماعة من جلة العلماء احتاجوا إليه فيه ، ورواه أيضا عن أبيه جماعة ، وقيل إنه لم يأت من وجه لا مطعن فيه ولا علة عن أبي سعيد إلا من رواية يحيى بن عمارة عنه من رواية ابنه عمرو عنه ، ومن رواية محمد بن يحيى بن حبان عنه ، وقال بعض أهل الحديث : لم يروه أحد من الصحابة بإسناد صحيح غير أبي سعيد قال : وهذا هو الأغلب إلا أني وجدته من رواية سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ، ومن طريق محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار [ ص: 140 ] عن خالد ، قال الحافظ : ورواية سهيل في الأموال لأبي عبيد ، ورواية محمد بن مسلم في المستدرك ، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن جابر ، وجاء أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وأبي رافع ومحمد بن عبد الله بن جحش ، أخرج الأربعة الدارقطني ، ومن حديث ابن عمر أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد أيضا .