61 59 - ( مالك عن هشام بن عروة ) بن الزبير بن العوام تابعي صغير ، حفيد حواري [ ص: 153 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عن أبيه ) عروة أحد كبار التابعين الفقهاء ( عن حمران ) بضم الحاء المهملة ابن أبان ( مولى عثمان بن عفان ) اشتراه زمن أبي بكر الصديق وروى عن مولاه ومعاوية .
وعنه أبو وائل وعروة والحسن وزيد بن أسلم وغيرهم ، ذكره ابن معين في تابعي أهل المدينة ومحدثيهم ، وكان يصلي خلف عثمان ويفتح عليه ، وكان صاحب إذنه وكاتبه وهو ثقة روى له الستة وقدم البصرة فكتب عنه أجلها ، ومات سنة خمس وسبعين وقيل غير ذلك .
( أن عثمان بن عفان جلس على المقاعد ) قال ابن عبد البر : هي مصاطب حول المسجد ، وقيل حجارة بقرب دار عثمان يقعد عليها مع الناس ، وقال الداودي : هي الدرج ، وقيل هي دكاكين حول دار عثمان .
قال عياض : ولفظها يقتضي أنها مواضع جرت العادة بالقعود فيها ( فجاء المؤذن فآذنه ) أعلمه ( بصلاة العصر ) قال الباجي : كان المؤذن يعلمه باجتماع الناس بعد الأذان لشغله بأمور الناس .
( فدعا بماء فتوضأ ثم قال : والله لأحدثنكم ) أكد بالقسم واللام لزيادة تحريضهم على حفظه وعدم الاغترار به ( حديثا لولا أنه ) كذا رواه يحيى وابن بكير بالنون وهاء الضمير أي لولا أن معناه ( في كتاب الله ما حدثتكموه ) أي ما كنت حريصا على تحديثكم به لئلا تتكلوا ، ورواه أبو مصعب بالياء ومد الألف وهاء التأنيث أي لولا آية تتضمن معناه قاله الباجي وغيره ، وذكر في فتح الباري أن النون تصحيف من بعض رواته نشأ من زيادة مسلم والموطأ في كتاب الله ، ورواه البخاري : لولا آية ما حدثتكموه ( ثم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10351049سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرئ يتوضأ ) وفي البخاري ومسلم : لا يتوضأ رجل ( فيحسن وضوءه ) أي يأتي به بكمال صفته وآدابه والفاء بمعنى ثم لأن إحسان الوضوء ليس متأخرا عن الوضوء حتى يعطف عليه بفاء التعقيب بل هي لبيان المرتبة ، دلالة على أن الإجادة في الوضوء أفضل وأكمل من الاقتصار على الفرض منه .
( ثم يصلي الصلاة ) المكتوبة كما في مسلم ( إلا غفر له ما بينه ) أي بين صلاته بالوضوء ( وبين الصلاة الأخرى ) أي التي تليها كما في مسلم ( حتى يصليها ) قال الحافظ : أي يشرع في الصلاة الثانية ، وقال غيره : أي يفرغ منها فحتى غاية تحصل المقدر في الظرف إذ الغفران [ ص: 154 ] لا غاية له ، ثم هذا مخصوص بالصغائر كما صرح به في أحاديث أخر ، قال الحافظ : ظاهره يعم الكبائر والصغائر ، لكن العلماء خصوه بالصغائر لوروده مقيدا باستثناء الكبائر في غير هذه الرواية وهو في حق من له كبائر وصغائر ، فمن ليس له إلا صغائر كفرت عنه ، ومن ليس له إلا الكبائر خفف عنه منها بمقدار ما لصاحب الصغائر ، ومن ليس له صغائر ولا كبائر يزاد في حسناته بنظير ذلك اهـ .
قال الباجي : وعلى هذا التأويل يصح الروايتان أنه آية .
وفي الصحيحين عن عروة أن الآية : ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) ( سورة البقرة : الآية 159 ) زاد مسلم إلى قوله تعالى : ( اللاعنون ) والمعنى : لولا آية تمنع من كتمان شيء من العلم ما حدثتكم به ، وعلى هذا لا تصح رواية النون ، قاله الباجي وعياض والنووي وزاد : والصحيح تأويل عروة ، قال الحافظ : لأن عروة راوي الحديث ذكره بالجزم فهو أولى أي لأن مالكا ظنه ، قال : وهي وإن نزلت في أهل الكتاب لكن العبرة بعموم اللفظ ، وقد جاء نحو ذلك لأبي هريرة أخرج أبو خيثمة زهير بن حرب في كتاب العلم له قال : حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء أنه سمع أبا هريرة والناس يسألونه يقول : لولا آية نزلت في سورة البقرة ما أخبرت بشيء : ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) الآية ، ثم ظاهر الحديث يقتضي أن المغفرة لا تحصل بإحسان الوضوء حتى ينضاف إليه الصلاة ; لأن الثواب المترتب على مجموع أمرين لا يترتب على أحدهما إلا بدليل خارج ، ولا يعارضه الأحاديث التالية الدالة على أن الخطايا تخرج مع الوضوء حتى يخرج من الوضوء نفيا من الذنوب ، ثم [ ص: 155 ] كانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة لاحتمال أن يكون ذلك باختلاف الأشخاص ، فرب متوض يحضره من الخشوع ما يستقل وضوءه في التكفير وآخر عند تمام الصلاة ، وحديث الباب أخرجه مسلم من رواية إسماعيل وسفيان بن عيينة كلاهما عن هشام بن عروة ، ورواه البخاري ومسلم من طريق صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن عروة ، فحصلت متابعة لمالك في شيخه هشام ولهشام في شيخه عروة .