بفتح الميم وكسر الكاف وإسكان التحتية ما كيل به ، وكذا المكيال والمكيل ، ويقال لها أيضا صدقة الفطر ، وزكاة رمضان ، وزكاة الصوم ، وصدقة الرءوس ، وزكاة الأبدان .
627 625 - ( مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض ) ألزم وأوجب عند الجمهور ( زكاة الفطر ) وما أوجبه فبأمر الله تعالى ، وما ينطق عن الهوى .
قال ابن نافع : قال مالك وهي داخلة في قوله تعالى : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( سورة البقرة : الآية 43 ) أي : في عمومها ، فبين صلى الله عليه وسلم تفاصيل ذلك ؛ ومن جملتها زكاة الفطر ، وثبت أن قوله تعالى : قد أفلح من تزكى ( سورة الأعلى : الآية 14 ) نزلت في زكاة الفطر ، وثبت في الصحيح إثبات الفلاح لمن اقتصر على الواجبات ، ولا يرد أن في الآية : وذكر اسم ربه فصلى ( سورة الأعلى : الآية 15 ) فيلزم وجوب صلاة العيد لخروجها بدليل عموم قوله تعالى ليلة المعراج : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354811هن خمس لا يبدل القول لدي " ، وقال أشهب وابن اللبان عن الشافعية وبعض أهل الظاهر أنها سنة مؤكدة ، وأولوا " فرض " بمعنى قدر ، قال ابن دقيق العيد : هو أصله لغة ، لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب فالحمل عليه أولى ، ا هـ .
ويؤيده تسميتها زكاة ، ولفظة على ، والأمر بها في حديث قيس بن سعد وغيره ، وقال الحنفية : واجب لا فرض على قاعدتهم في الفرق بينهما ( من رمضان ) فتجب بغروب شمس ليلة الفطر ؛ لأنه وقت الفطر منه ، وبه قال مالك في رواية أشهب والثوري وأحمد والشافعي في الجديد ، وقيل : وقت وجوبها طلوع فجر يوم العيد ؛ لأن الليل ليس محلا للصوم ، وإنما يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع [ ص: 217 ] الفجر وبه قال أبو حنيفة والليث ومالك في رواية ابن القاسم وابن وهب ومطرف ، والشافعي في القديم ، ويؤيده قوله في بعض طرق حديث ابن عمر عند البخاري : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354812وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " ، قال المازري : قيل : مبنى الخلاف أن المراد الفطر المعتاد في سائر الشهر فتجب بالغروب ، أو الفطر الطارئ بعده فتجب بطلوع الفجر ، وقال ابن دقيق العيد : الاستدلال لهذا الحكم بالحديث ضعيف ؛ لأن الإضافة إلى الفطر لا تدل على وقت الوجوب فيطلب من أمر آخر ، ( على الناس صاعا ) نصب تمييزا أو مفعولا ثانيا ( من تمر أو صاعا من شعير ) ولم تختلف الطرق عن ابن عمر في الاقتصار على هذين إلا ما أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما من طريق عبد العزيز بن داود ، عن نافع فزاد فيه : السلت والزبيب ، وقد حكم مسلم في كتاب التمييز بوهم عبد العزيز فيه ( على كل حر أو عبد ) أخذ بظاهره داود وحده فأوجبها على العبد ، وأنه يجب على السيد أن يمكنه من الاكتساب لهما ، كما يجب عليه أن يمكنه من الصلاة ، وخالفه أصحابه والناس لحديث أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354797ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر " ، ومقتضاه أنها على السيد للعبد فلا تجب عليه ؛ لأنه فقير ، إذ ليس لسيده انتزاع ماله ، وقالوا : إن " على " بمعنى " عن " أي : إن السيد يخرجها عن عبده ، قال الباجي : أو على بابها لكن يحملها السيد عنه ، أو معناه أنها تجب على السيد كما تقول : يلزمك على كل دابة من دوابك درهم .
وقال أبو الطيب وغيره : " على " بمعنى " عن " لأن العبد لا يطالب بأدائها ، ورد بأنه لا يلزم من فرض شيء على شخص مطالبته به بدليل الفطرة المتحملة عن غير من لزمته والدية الواجبة بقتل الخطأ .
وقال البيضاوي : العبد ليس أهلا لأن يكلف بالواجبات المالية فجعلها عليه مجاز ، ويؤيد ذلك عطف الصغير عليه يعني في بعض طرق الحديث .
( ذكر أو أنثى ) ظاهره وجوبها عليها ولو كان لها زوج ، وبه قال الثوري وأبو حنيفة .
وقال مالك والشافعي وأحمد والجمهور : تجب على زوجها إلحاقا بالنفقة ، قال الحافظ : وفيه نظر ؛ لأنهم قالوا : إن أعسر كفرت ، أو كانت أمة وجبت فطرتها على السيد بخلاف النفقة فافترقا ، واتفقوا أن المسلم لا يخرج عن زوجته الكافرة مع أن نفقتها تلزمه ، قال : وإنما احتج الشافعي بما رواه عن محمد بن علي الباقر مرسلا نحو حديث ابن عمر وزاد فيه : ممن تمونون ، وأخرجه البيهقي من هذا الوجه فزاد في إسناده ذكر على ؛ وهو منقطع ، وأخرجه من حديث ابن عمر ؛ وإسناده ضعيف أيضا ، وفي رواية عمر بن نافع عند البخاري : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354813على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير " ( من المسلمين ) دون الكفار ؛ لأنها طهارة ليسوا من أهلها ، فلا تجب على الكافر عن نفسه اتفاقا ، ولا عن مستولدته المسلمة بإجماع ، حكاه ابن المنذر لكن فيه وجه للشافعية ورواية عن [ ص: 218 ] أحمد بالوجوب ، ولا يجب على المسلم إخراجها عن عبده الكافر عند الجمهور ، خلافا لعطاء والنخعي والثوري والحنفية وإسحاق لعموم حديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354797ليس على المسلم في عبده صدقة الفطر " ، وأجاب الجمهور بأن الخاص يقضي على العام ، فعموم قوله " في عبده " مخصوص بقوله : " من المسلمين " .
وقال الطحاوي : " من المسلمين " صفة للمخرجين لا المخرج عنهم ، وتعقب بأن ظاهر الحديث يأباه ؛ لأن فيه العبد والصغير وهما ممن يخرج عنهم ، فدل على أن الصفة الإسلام لا تختص بالمخرجين ، ويؤيده رواية الضحاك عند مسلم بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354814على كل نفس من المسلمين حرا أو عبدا " الحديث .
وقال القرطبي : ظاهر الحديث أنه قصد بيان مقدار الصدقة ومن تجب عليه ، ولم يقصد بيان من يخرجها عن نفسه ممن يخرجها عن غيره بل يشمل الجميع .
ويؤيده حديث أبي سعيد الآتي فإنه دال على أنهم كانوا يخرجون عن أنفسهم وعن غيرهم لقولهم فيه : على كل صغير وكبير ، لكن لا بد أن يكون بين المخرج وبين الغير ملابسة ، كالصغير ووليه والعبد وسيده والمرأة وزوجها .
وقال الطيبي : قوله " من المسلمين " حال من العبد وما عطف عليه ، وتنزيلها على المعاني المذكورة على ما يقتضيه علم البيان أنها جاءت مزدوجة عن التضاد للاستيعاب لا للتخصيص لئلا يلزم التداخل ، فيكون المعنى فرض على جميع الناس من المسلمين ، وأما كونها في من وجبت فيعلم من نصوص أخر .
وقال في المصابيح : هو نص ظاهر في أن قوله من المسلمين صفة لما قبله من النكرات المتعاطفات بـ " أو " ، فيندفع قول الطحاوي إنه خطاب يتوجه معناه إلى السادة قاصدا بذلك الاحتجاج لمن ذهب إلى إخراج زكاة الفطر عن العبد الكافر ، ا هـ .
ونقل ابن المنذر أن بعضهم احتج بما أخرجه من طريق ابن إسحاق : حدثني نافع : " أن ابن عمر كان يخرج عن أهل بيته حرهم وعبدهم ، صغيرهم وكبيرهم مسلمهم وكافرهم من الرقيق " ، قال : وابن عمر راوي الحديث أعرف بمراده ، وتعقب بأنه لو صح لحمل على أنه كان يخرج عنهم تطوعا ولا مانع منه ، هذا وقد زعم الترمذي وأبو قلابة الرقاشي ومحمد بن وضاح ، وتبعهم ابن الصلاح ومن تبعه أن مالكا تفرد بقوله : " من المسلمين " دون أصحاب نافع ، وتعقب ذلك ابن عبد البر فقال : كل الرواة عن مالك قالوا فيه " من المسلمين " إلا قتيبة بن سعيد وحده فلم يقلها ، قال : وأخطأ من ظن أن مالكا تفرد بها ، فقد تابعه عليها جماعة عن نافع منهم : عمر بن نافع ؛ أي : عند البخاري ، وكثير بن فرقد ؛ أي : عند الطحاوي ، والدارقطني والحاكم ، وعبيد الله بن عمر ؛ أي : عند الدارقطني ، ويونس بن يزيد ؛ أي : عند الطحاوي ، وأيوب السختياني ؛ أي : عند الدارقطني ، وابن خزيمة زاد الحافظ على اختلاف عنه وعلى عبيد الله في زيادتها والضحاك بن عثمان عند مسلم ، والمعلى بن إسماعيل عند ابن حبان ، وابن أبي ليلى عند الدارقطني ، وعبد الله العمري عند الدارقطني وابن الجارود ، قال : وذكر شيخنا ابن [ ص: 219 ] الملقن أن البيهقي أخرجه من طريق أيوب بن موسى ويحيى بن سعيد وموسى بن عقبة ثلاثتهم عن نافع بالزيادة ، وقد تتبعت تصانيف البيهقي فلم أجد فيها هذه الزيادة من رواية أحد من هؤلاء الثلاثة ، قال : وفي الجملة ليس فيما روى هذه الزيادة أحد مثل مالك ؛ لأنه لم يتفق على أيوب وعبيد الله في زيادتها ، وليس في الباقين مثل يونس ، لكن في الراوي عنه وهو يحيى بن أيوب مقال ، ثم ظاهر قوله : " والصغير " وجوبها عليه لكن يخرج عنه وليه فتجب في ماله إن كان وإلا فعلى من تلزمه نفقته عند الجمهور .
وقال محمد بن الحسن : هي على الأب مطلقا فإن لم يكن له أب فلا شيء عليه .
وفي قوله : " طهرة " دليل على وجوبها على الفقير كالغني ، وقد ورد ذلك صريحا في حديث أبي هريرة عند أحمد وثعلبة بن صعير عند الدارقطني ، خلافا للحنفية في أنها لا تجب إلا على من ملك نصابا لحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354816لا صدقة إلا عن ظهر غنى " .
قال ابن بزيزة : لم يدل دليل على اعتبار النصاب فيها ؛ لأنها زكاة بدنية لا مالية ، نعم ؛ الشرط أن يفضل عن قوت يومه ومن تلزمه نفقته لحديث الصحيح : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354816لا صدقة إلا عن ظهر غنى " والحديث أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن القعنبي ، وقتيبة بن سعيد ويحيى بن يحيى أربعتهم عن مالك به ، وله طرق في الصحيحين وغيرهما .